بقلم: البابا شنودة الثالث
المحبة هي قمة الفضائل كلها. أو هي جماع الفضائل كلها, وهي علي أنواع: محبة الله, ومحبة الخير, ومحبة الغير. المحبة كائنة في الله منذ الأزل: أحبنا قبل أن نوجد, ومن أجل ذلك أوجدنا. كنا من قبل في عقله فكرة, وفي قلبه مسيرة, ثم لما أعد لنا كل شيء حينئذ خلقنا. >> المحبة هي جوهر الدين, والذي ليست فيه محبة لا يمكن ان يكون متدينا والمحبة هي خروج من الذات إلي الغير, بحيث ينسي الإنسان ذاته.
, ويذكر غيره, هو إذن لايعيش داخل ذاته( داخل الأنا) إنما يعيش داخل قلوب الناس. يحيا لآجل غيره ويري خير الناس قبل خيره هو وهكذا فمن يحب الخير, يحب الغير, وإذا كانت المحبة تملأ قلبه حينئذ تفيض من وجهه وتظهر في ملامحه وفي عينيه وفي كل تصرفاته وأعماله وتلد في حياته العديد من الفضائل.
>>والمحبة شيء غير الشهوة تماما, فالحب يريد دائما أن يعطي أما الشهوة فتريد دائما أن تأخذ. الشهوة تكون دائما ممتزجة بالأنا, بالذات. أما الحب فيمتزج بإنكار الذات لأجل الغير والحب الحقيقي لابد أن يمتزج بالطهارة والنقاوة كما يمتزج أيضا بالحق.
>> إن المحبة كانت هي الأصل في علاقات الإنسان الأول: كانت المحبة كاملة بين الإنسان والله قبل الخطيئة, وكانت المحبة بين آدم وحواء طاهرة نقية, بها البساطة والتعاون والثقة بل كانت المحبة كائنة بين آدم والحيوانات, لا هو يصيدها ولاهي تؤذيه, وفي ظل المحبة لم يكن يوجد الطبع الوحشي والافتراس في صفات بعض الحيوانات, بل كان الكل أليفا وكان أبونا آدم يحب الحيوانات ويسميها بأسماء.
ونفس الوضع كان في قصة أبينا نوح والفلك, ففي الفلك كان نوح يرعي جميع الحيوانات وهو الذي أدخلها إليه, وكان يهتم بها فيه ويقدم لها غذاءها.
إذا المحبة هي الأصل والبغضة دخيلة, بل المحبة إذا كانت في الله منذ الأزل لم يشأ أن يكون وحده بل من جوده وكرمه أوجد مخلوقات تحيا معه, فخلق الملائكة قبلنا وكانت المحبة تربط بينهم وكما قال أحد الآباء: لو وقف عشرة آلاف من الملائكة معا, لكان لهم جميعا رأي واحد, وكما كان الملائكة يحبون بعضهم بعضا, هكذا كانوا يحبون الله أيضا.
>> والمحبة الحقيقية لها قوتها, وهي لاتسقط أبدا ولاتنهار وقد قال سليمان الحكيم:إذا اعطي الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا..
لهذا فكل فضيلة تؤسس علي المحبة, تكون راسخة. وكل علاقة تبني علي المحبة تبقي قوية ولاتتزعزع. ولهذا قال الرب: يا ابني أعطني قلبك, إذا الله يريد القلب, أي يريد الحب, وليس مجرد الشكليات والمظاهر الخارجية والعبادة الخالية من الحب قد رفضها الله, حينما قال عن اليهود: هذا الشعب يكرمني بشفتيه أما قلبه فمبتعد عني بعيدا.. لذلك قال عن صلواتهم وهم خطاة: حينما تبسطون أيديكم, أستر وجهي عنكم, وإن اكثرتم الصلاة, لاأسمع أيديكم ملآنة دما!
>> والمحبة الحقيقية ينبغي أن تكون محبة عملية فلا نحب بالكلام ولا باللسان, بل بالعمل والحق. ومحبتنا لله, يجب أن تثبتها عمليا بحفظ وصاياه والذي يقول إنه يحب الله, ومع ذلك هو لايحفظ وصاياه بل يخطيء إليه.. هو إنسان يخدع نفسه بلا شك.
والمحبة لها صفات تميزها. ومحبتك لغيرك تلزمك أن تترفق به, وتتأني عليه أي تطيل بالك عليه, والمحبة الحقيقية لاتحسد ولاتتفاخر ولاتنتفخ ولاتطلب ما لنفسها.. ولاتظن السوء وأيضا تحتمل كل شيء وتصبر علي كل شيء..إنها منهج طويل شامل في حياة الفضيلة العملية.
>> إذن ما علاقة المحبة بفعل الخير ومحبة الخير؟ واضح أن الذي في قلبه محبة لابد ان يفعل الخير, ولكن ليس كل من يفعل الخير تكون عنده محبة في قلبه. فهناك من يفعل الخير مجبرا مضطرا أو عن خوف! وهناك من يفعل الخير لكي ينال مدحا من الناس أو مكافأة كذلك من يفعل الخير رياء لمجرد حب المظاهر! وهناك من يفعل الخير وهو متذمر في قلبه فظاهره شيء, وقلبه شيء عكس ذلك تماما!
أما الإنسان الفاضل فهو الذي يحب الخير حتي إن لم تساعده إمكاناته علي فعله, وإن فعل الخير لايقصد من ورائه مكافأة بل يجد لذة في فعل الخير, والدافع الأساسي الذي يدفعه هو محبة الخير.
>> أما إذا لم توجد المحبة في قلب إنسان فلاشك أن ذلك تنتج عنه رذائل كثيرة تتنوع من إنسان إلي آخر: فخلو القلب من المحبة يوجد البغضة والكراهية, وقد يتسبب عن ذلك الشماتة والفرح بالأثم, بينما يقول الحكيم:لاتفرح بسقطة عدوك ولايبتهج قلبك إذا عثر, ومن نتائج نقص المحبة أيضا: الغضب الحاد والحقد, وقد يتطور الأمر إلي الشتيمة والضرب والقتل وأيضا التشهير بالغير وإشاعة المذمة.. ومن نقص المحبة أيضا يوجد الحسد, وتوجد الكبرياء والتعالي والقسوة..!
أما نقص محبتنا نحو الله فيظهر في أمور عديدة منها إهمال الصلاة وقراءة كتاب الله والتأمل فيه وعدم محبة بيت الله, وعدم الفرح بالسماء.
>> إن الله في يوم الحساب سيفحص جميع فضائلنا ويكافئنا فقط علي مافيها من حب لأن الفضيلة الخالية من الحب, ليست فضيلة علي الإطلاق.. إنها ليست محسوبة لنا, وأخشي ان تكون محسوبة علينا.
إذن المحبة تتدخل في كل وصية فكما يقول الكتاب: لتصر كل أموركم في محبة.
أما علاقة المحبة بكل فضيلة علي حدة فهي موضوع طويل لاتستطيع هذه الصفحة أن تتسع له, فإعذروني إن أرجأت هذا الموضوع لمناسبة أخري.
المحبة هي قمة الفضائل كلها. أو هي جماع الفضائل كلها, وهي علي أنواع: محبة الله, ومحبة الخير, ومحبة الغير. المحبة كائنة في الله منذ الأزل: أحبنا قبل أن نوجد, ومن أجل ذلك أوجدنا. كنا من قبل في عقله فكرة, وفي قلبه مسيرة, ثم لما أعد لنا كل شيء حينئذ خلقنا. >> المحبة هي جوهر الدين, والذي ليست فيه محبة لا يمكن ان يكون متدينا والمحبة هي خروج من الذات إلي الغير, بحيث ينسي الإنسان ذاته.
, ويذكر غيره, هو إذن لايعيش داخل ذاته( داخل الأنا) إنما يعيش داخل قلوب الناس. يحيا لآجل غيره ويري خير الناس قبل خيره هو وهكذا فمن يحب الخير, يحب الغير, وإذا كانت المحبة تملأ قلبه حينئذ تفيض من وجهه وتظهر في ملامحه وفي عينيه وفي كل تصرفاته وأعماله وتلد في حياته العديد من الفضائل.
>>والمحبة شيء غير الشهوة تماما, فالحب يريد دائما أن يعطي أما الشهوة فتريد دائما أن تأخذ. الشهوة تكون دائما ممتزجة بالأنا, بالذات. أما الحب فيمتزج بإنكار الذات لأجل الغير والحب الحقيقي لابد أن يمتزج بالطهارة والنقاوة كما يمتزج أيضا بالحق.
>> إن المحبة كانت هي الأصل في علاقات الإنسان الأول: كانت المحبة كاملة بين الإنسان والله قبل الخطيئة, وكانت المحبة بين آدم وحواء طاهرة نقية, بها البساطة والتعاون والثقة بل كانت المحبة كائنة بين آدم والحيوانات, لا هو يصيدها ولاهي تؤذيه, وفي ظل المحبة لم يكن يوجد الطبع الوحشي والافتراس في صفات بعض الحيوانات, بل كان الكل أليفا وكان أبونا آدم يحب الحيوانات ويسميها بأسماء.
ونفس الوضع كان في قصة أبينا نوح والفلك, ففي الفلك كان نوح يرعي جميع الحيوانات وهو الذي أدخلها إليه, وكان يهتم بها فيه ويقدم لها غذاءها.
إذا المحبة هي الأصل والبغضة دخيلة, بل المحبة إذا كانت في الله منذ الأزل لم يشأ أن يكون وحده بل من جوده وكرمه أوجد مخلوقات تحيا معه, فخلق الملائكة قبلنا وكانت المحبة تربط بينهم وكما قال أحد الآباء: لو وقف عشرة آلاف من الملائكة معا, لكان لهم جميعا رأي واحد, وكما كان الملائكة يحبون بعضهم بعضا, هكذا كانوا يحبون الله أيضا.
>> والمحبة الحقيقية لها قوتها, وهي لاتسقط أبدا ولاتنهار وقد قال سليمان الحكيم:إذا اعطي الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا..
لهذا فكل فضيلة تؤسس علي المحبة, تكون راسخة. وكل علاقة تبني علي المحبة تبقي قوية ولاتتزعزع. ولهذا قال الرب: يا ابني أعطني قلبك, إذا الله يريد القلب, أي يريد الحب, وليس مجرد الشكليات والمظاهر الخارجية والعبادة الخالية من الحب قد رفضها الله, حينما قال عن اليهود: هذا الشعب يكرمني بشفتيه أما قلبه فمبتعد عني بعيدا.. لذلك قال عن صلواتهم وهم خطاة: حينما تبسطون أيديكم, أستر وجهي عنكم, وإن اكثرتم الصلاة, لاأسمع أيديكم ملآنة دما!
>> والمحبة الحقيقية ينبغي أن تكون محبة عملية فلا نحب بالكلام ولا باللسان, بل بالعمل والحق. ومحبتنا لله, يجب أن تثبتها عمليا بحفظ وصاياه والذي يقول إنه يحب الله, ومع ذلك هو لايحفظ وصاياه بل يخطيء إليه.. هو إنسان يخدع نفسه بلا شك.
والمحبة لها صفات تميزها. ومحبتك لغيرك تلزمك أن تترفق به, وتتأني عليه أي تطيل بالك عليه, والمحبة الحقيقية لاتحسد ولاتتفاخر ولاتنتفخ ولاتطلب ما لنفسها.. ولاتظن السوء وأيضا تحتمل كل شيء وتصبر علي كل شيء..إنها منهج طويل شامل في حياة الفضيلة العملية.
>> إذن ما علاقة المحبة بفعل الخير ومحبة الخير؟ واضح أن الذي في قلبه محبة لابد ان يفعل الخير, ولكن ليس كل من يفعل الخير تكون عنده محبة في قلبه. فهناك من يفعل الخير مجبرا مضطرا أو عن خوف! وهناك من يفعل الخير لكي ينال مدحا من الناس أو مكافأة كذلك من يفعل الخير رياء لمجرد حب المظاهر! وهناك من يفعل الخير وهو متذمر في قلبه فظاهره شيء, وقلبه شيء عكس ذلك تماما!
أما الإنسان الفاضل فهو الذي يحب الخير حتي إن لم تساعده إمكاناته علي فعله, وإن فعل الخير لايقصد من ورائه مكافأة بل يجد لذة في فعل الخير, والدافع الأساسي الذي يدفعه هو محبة الخير.
>> أما إذا لم توجد المحبة في قلب إنسان فلاشك أن ذلك تنتج عنه رذائل كثيرة تتنوع من إنسان إلي آخر: فخلو القلب من المحبة يوجد البغضة والكراهية, وقد يتسبب عن ذلك الشماتة والفرح بالأثم, بينما يقول الحكيم:لاتفرح بسقطة عدوك ولايبتهج قلبك إذا عثر, ومن نتائج نقص المحبة أيضا: الغضب الحاد والحقد, وقد يتطور الأمر إلي الشتيمة والضرب والقتل وأيضا التشهير بالغير وإشاعة المذمة.. ومن نقص المحبة أيضا يوجد الحسد, وتوجد الكبرياء والتعالي والقسوة..!
أما نقص محبتنا نحو الله فيظهر في أمور عديدة منها إهمال الصلاة وقراءة كتاب الله والتأمل فيه وعدم محبة بيت الله, وعدم الفرح بالسماء.
>> إن الله في يوم الحساب سيفحص جميع فضائلنا ويكافئنا فقط علي مافيها من حب لأن الفضيلة الخالية من الحب, ليست فضيلة علي الإطلاق.. إنها ليست محسوبة لنا, وأخشي ان تكون محسوبة علينا.
إذن المحبة تتدخل في كل وصية فكما يقول الكتاب: لتصر كل أموركم في محبة.
أما علاقة المحبة بكل فضيلة علي حدة فهي موضوع طويل لاتستطيع هذه الصفحة أن تتسع له, فإعذروني إن أرجأت هذا الموضوع لمناسبة أخري.
0 التعليقات:
إرسال تعليق