ظلّ أحمد نجيب الشابي الزعيم التاريخي للحزب
الديمقراطي التقدمي ووزير التنمية الأسبق الحليف الأقوى للإسلاميين إلى وقت
قريب. بعد الثورة جدّ خلاف كبير بين الطرفين، وفي حوار خصّ به إيلاف من
تونس، يشرح الشابي أسباب ذلك الخلاف وموقفه من عودة حزب بن علي إلى العمل
السياسي.
تونس: أكد احمد نجيب الشابي القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي ووزير التنمية الأسبق في حوار خص به "إيلاف" أن تأجيل موعد انتخابات المجلس التأسيسي ليس في مصلحة أحد وسيؤدي إلى مزيد تأزم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية رغم أنها لن تكون مثالية.وقال أن سبب تغيير موقفه كليا من حركة "النهضة" الاسلامية يعود لتجييشهم للمشاعر الدينية للسيطرة على المجتمع وتطويعه بالإضافة إلى اعتباره أن المنتمين لحزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي قوة انتخابية وسيكون لهم وزن في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة والتي سيكون حزبه من أهم الأرقام فيها، على حدّ تعبيره.
وفيما يلي نص الحوار كاملا
تونس: أكد احمد نجيب الشابي القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي ووزير التنمية الأسبق في حوار خص به "إيلاف" أن تأجيل موعد انتخابات المجلس التأسيسي ليس في مصلحة أحد وسيؤدي إلى مزيد تأزم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية رغم أنها لن تكون مثالية.وقال أن سبب تغيير موقفه كليا من حركة "النهضة" الاسلامية يعود لتجييشهم للمشاعر الدينية للسيطرة على المجتمع وتطويعه بالإضافة إلى اعتباره أن المنتمين لحزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي قوة انتخابية وسيكون لهم وزن في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة والتي سيكون حزبه من أهم الأرقام فيها، على حدّ تعبيره.
وفيما يلي نص الحوار كاملا
ما رأيك في إمكانية تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي ؟
حسب رأيي لو انطلقنا من مصلحة تونس خاصة أن الوضعية
الانتقالية تتميز بالفراغ الدستوري وشرعية تقوم على توافق هش والحكومة
المؤقتة لا تملك الوقت الكافي ولا الصلاحيات لتدخل في تغيير الأوضاع
الاجتماعية للبلاد وبالتالي استمرار هذا الوضع سيعمق الانكماش الاقتصادي
الذي نتج عن انعدام ثقة المستثمرين إلى جانب تدهور الأوضاع الاجتماعية
وفقدان مواطن الشغل عوض خلقها وكذاك من الناحية الأمنية نشهد عديد
الاختراقات من مجموعات إرهابية تستهدف التونسيين ويمكن أن تحول دون أن
يعبروا عن إرادتهم لأول مرة في تاريخهم عن طريق صناديق الاقتراع.
وكل هذه الأسباب تجعل من إطالة المرحلة الانتقالية –
باعتبار وجود مرحلة انتقالية ثانية اثر الانتخابات لكنها تقوم على أساس
الشرعية الشعبية والسياسية - الحالية خطرا وليس في مصلحة تونس.
على ضوء الوضع الراهن إلى اى مدى يمكن الحديث عن إمكانية لتأجيل الانتخابات ؟
يمكن أقول انه قد قذف بنا حرية لم نكن مُهيّئين لها
سواء المواطن أو الدولة أو أحزاب، وبالتالي نحن في وضع لم نتعود عليه
والمدة الزمنية غير كافية.
استعدادنا لهذه الانتخابات نسبي ولكن نعتبر أن الأساس
ويتمثل في قانون انتخابي واضح، هيئة للإشراف عليها وتاريخ محدد لإجرائها
والأهم الممارسة الحرة التي انطلقت يوم 14 جانفي/ كانون الثاني من إعلام
وحرية الاجتماع وكل الظروف تقريبا مهيأة لنخوض أول انتخابات والتي لن تكون
كاملة ومثالية لكن في الجوهر ستكون شفافة ونزيهة وفي حال وقع تأجيلها لن
تكون الظروف والاستعدادات أفضل، إضافة إلى تدهور الوضع الاجتماعي
والاقتصادي. وبالتالي أرى وجوب المحافظة على الموعد الانتخابي.
ما مدى قدرة الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات على التحضير للاستحقاقات المقبلة خلال المدة المتبقية في تقديركم ؟
أنا أرى انه يجب أن نبذل قصارى جهدنا عوض إضاعة الوقت
في الحديث فيما لا ينفع وكل المستلزمات التقنية التي ستوفرها الحكومة
للهيئة وفي حال لم نصل إلى شيء عندها يمكن القيام به لكن المهم هو أن نبدأ
العمل بجدية.
أمنيّا، عديد الأحداث أثبتت أن الحكومة غير قادرة على
السيطرة عليها كإحراق السجون وقمع المتظاهرين بصفة وحشية، حسب اعتقادكم من
يقف وراء الانفلات الأمني المتكرر؟
الانفلات الأمني كان نتيجة مواجهات بين المتظاهرين و
قوات الأمن التي تعاني من الانكسار مند الثورة، وهدا اثر على معنوياتها
وتماسكها ولكن الأحداث أثبتت انه بدون امن لا توجد حياة متحضرة وبالتالي
تونس ليس أمامها سوى خيار وحيد يتمثل في إعادة بناء قوات الأمن بتعزيزها
ومصالحتها مع المواطن واستبعاد السياسة من داخلها وتحسين ظروفهم المعيشية
والحكومة المؤقتة الحالية قامت بخطوات في هذا الاتجاه وعلى كل حكومة منبثقة
عن صناديق الاقتراع أن تعيد الاعتبار لقوات الأمن.
هل ترون أن فتح السجون أمام هروب المساجين في محافظات متعددة وفي فترة متقاربة مثلا يعتبر من قبيل الصدفة ؟
هذا حصل في فترة الاضطرابات الأولى للثورة وهو ما حصل
أيضا في مصر، فتح السجون تم منذ مدة قريبة وفي فترة الحكومة المؤقتة
الحالية وقام الوزير الأول على إثرها بتغيير 11 مدير سجن.
هذا بدا مع حكومة الغنوشي، المهم أنا لا أريد الدخول
في التخمينات والتحليلات وأقول انه لابد من التحقيق الجدي للوصول لمن يقف
وراءها و الكشف عنهم للمواطنين وهذه المسالة على أهميتها جزئية والاهم هو
تعزيز قوا ت الأمن عددا وعدة ومصالحتهم مع المواطن.
لتجنب التأويلات الخاطئة نود إجابة مباشرة، فهل تعتبرون الانفلات الأمني المتكرر غير منظم ومخطط له ؟
لاتقولني ما لم اقله، فتحليلاتي لا تقوم على
التخمينات وأنا اطلب فقط من أجهزة الدولة والقضاء التحقيق الجدي والإعلان
عن نتائجه للتونسيين.
موقفكم من حلفاء الأمس أي حزب النهضة الإسلامي تغير بصفة كلية ومفاجئة. ما السبب ؟
حركة النهضة أنهت التقارب كي لا نقول التحالف، وأنا
شخصيا غير نادم على وقوفي إلى جانب النهضة كتونسيين كما دعمت ضحايا القمع
من "حزب التحرير" وكل المضطهدين وقد توسمت خيرا في حركة النهضة وبأنها قد
استخلصت من دروس الماضي ولكن لاحظت أن تمشيها حسب رأيي لا يهدف إلا لتحريك
المشاعر الدينية للسيطرة على التونسيين وممارسة حكم عقائدي يقوم على "يجب
عليك عمل هذا لأني اعتقد هذا".
وأنا لا أدعو لفصل الدين عن الحقل السياسي بل للتمييز
بينهما فانجيلا مركل مثلا مسيحية ديمقراطية ولا نراها تذهب للكنائس وتعتمد
الدين كمضمون لبرنامجها الاقتصادي والاجتماعي كما انه لا يوجد خلاف
عقائدي، فلماذا الزج بالدين وفي حال أراد احدهم أن يصبح داعية فهذا حقه أما
تحويل الدين لبرنامج سياسي فهذا يصبح مشروع هيمنة عقائدية على المجتمع
بالإضافة إلى انه ليس لأي كان الحق في السيطرة عن طريق الدولة وفرض رأيه
ومعتقداته.
هذا هو المشكل ففي السابق كنت اعتقد انه لا مانع من
أن تكون النهضة حزب مدني على أساس مرجعية إسلامية ولكن الخلط بين الدين
والسياسة وتجييش المشاعر الدينية واستعمال المساجد والأئمة ما ارفضه.
كما أن موقف حركة النهضة من حكومة الغنوشي كان بداية
تغيير موقفي منهم ثم التعبئة الإيديولوجية للسيطرة على المجتمع مع العلم
أني أؤكد أننا مجتمع عربي مسلم.
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حكومة ظل تحرك الحكومة المؤقتة، ما رأيكم ؟
أنا لا أؤمن بحكومة الظل وحتى تصريحات وزير الداخلية
السابق فرحات الراجحي وما أثارته من اضطرابات (لقابلية الوضع حينها
للانفجار) لا أرى أنها مؤامرة بل اعتبرها غير جدية.
وبالتالي أنا لا ادخل في التحليلات التآمرية واعرف
الوزير الأول جيدا فهو سياسي ذو إرادة قوية وهو من يحكم في حدود ما اعلم،
وحكومة الظل ليس لها أي اثر وبالنسبة لرجل الأعمال كمال اللطيف الذي اتهم
بإدارة حكومة الظل يعتبر شخصا معروفا منذ الثمانينات ورجل علاقات عامة وكان
له تأثير سياسي وربما لازال، وهذا عادي ولا علاقة له بحكومة الظل وان كانت
هناك صداقة تربطه بالوزير الأول فهذا لا يعني انه من يحرك الحكومة حسب
اعتقادي.
لكن في ندوة صحافية عقب استقالتكم من الحكومة قلتم إن تعيين الولاة التجمعيين مثلا اتخذ دون علمكم أو استشارتكم فما تفسير هذا؟
حينها قلت أن قرار حل التجمع لم يتخذ من طرف الحكومة
وبالنسبة للولاة التجمعيين (التجمع هو حزب بم علي) فقد اجتهد السيد محمد
الغنوشي الوزير الاول أنذاك تحت ضغط الواقع والأحداث وانعدام وجود الدولة
في الجهات واعتمد على إداريين مما أثار بلبلة في ذلك الوقت ولا يجب الخلط
بين الأحداث وربطها بما قلته للوصول إلى وجود حكومة ظل.
يتردد أن الحزب الديمقراطي
التقدمي أصبح "حزب التجمع الجديد" و يستعمل تقريبا نفس أساليب حزب الرئيس
المخلوع في التعبئة الجماهيرية ما تعليقكم؟
حسب علمي التجمع كان يستعمل الإدارة وأجهزة الدولة
وإذا رأيتم أن هذا ما نعتمده فأنصحكم بارتداء نظارات فنحن نستعمل وسائل
الاتصال الشفافة والمباشرة بالمواطن وكل من يروج مثل هذا يحز في نفسه تزايد
شعبيتنا يوما بعد يوم وعلى كل حال ربما سأقول شيئا لن تصدقه يتمثل في كوني
جد متفائل، وان الحزب الديمقراطي التقدمي سيكون من أهم الأرقام في المجلس
الوطني التأسيسي وهذا قائم على الصدقية والثقة والتاريخ.
وفيما يخص التجمعيين قلنا ونعيدها إذا كان بعد اجتثاث
اليوسفيين والسلامين واليساريين تريدون اجتثاث التجمعيين فالحزب
الديمقراطي التقدمي ليس في صفكم ونحن نعتبر أن التجمعيين الذين لم يتورطوا
في الرشوة والفساد تونسيون لهم نفس حقوقنا.
وشخصيا لم استشر ولم أوافق على حل حزب التجمع بتلك
الكيفية والذي لم يطلب به التونسيون إنما تم في إطار مزايدات ثوروية ولم
نوافق على الفصل 15 المتعلق بإقصاء التجمعيين وشخصيا حرمت من حقي في الترشح
للانتخابات عن طريق التلاعب بالدستور ولا يجب اليوم أن أنتقم من خصومي.
وفيما يروج بخصوصنا هو مجرد إشاعات مصدرها خصومنا ونحن نعرفهم جيدا.
فيما يتعلق بموقفكم حيال استبعاد التجمعيين يترجمه
البعض على أنه ليس إلا مغازلة للمنتمين لحزب الرئيس المخلوع لكسب أصواتهم
في الانتخابات المقبلة خصوصا مع وجود أنباء عن اتصالاتكم مع الوزير
والقيادي السابق في التجمع كمال مرجان، ما هو تعليكم ؟
عندما كان الإسلاميون مضطهدين ودافعنا عنهم لم
تستهونا قوتهم وكمال مرجان دافعت عنه وهوجمت إثر ذلك و ليس هناك أي اتصال
بيننا ولو كان لما يروج شيء من الصحة لقلت دون خوف.
ثم إنّ المنتمين لحزب الرئيس المخلوع في نهاية الأمر
تونسيون بل نعتقد أنه أحببنا أو كرهنا يمثلون قوة انتخابية تعد بمئات
الآلاف وستتوجه لصناديق الاقتراع وسيكون لها وزن وبالتالي من لا يرى الواقع
كما هو يخطئ.
لماذا تغير خطابكم بعد الثورة وتحول من خطاب راديكالي يعكس تطلعات التونسيين إلى خطاب يوصف بالبعيد عن ما يطالب به الشارع التونسي ؟
أنت قلت الشارع وليس الشعب يعني النخبة السياسية والذي لم يقف إلى جانبي حين حرمت من حقي في الترشح للانتخابات الرئاسية في الماضي، ولكن ما يمكنني قوله أن خصومك السياسيين لن يرضوا عنك مهما فعلت، وبالتالي لا أعتبر ما يقولونه مقياسا وأنا عندما اخترت الوقوف في وجه الاستبداد كنت أعلم أني أعمل بتناغم مع ما يطلبه الشعب التونسي وكنت ألمس هذا التناغم أينما حللت واليوم أقول ما قلته في عهد بن علي وبالتالي قراءتي ليست جديدة وليست ركوبا على الأحدث بل قراءة لروح المجتمع التونسي.
أنت قلت الشارع وليس الشعب يعني النخبة السياسية والذي لم يقف إلى جانبي حين حرمت من حقي في الترشح للانتخابات الرئاسية في الماضي، ولكن ما يمكنني قوله أن خصومك السياسيين لن يرضوا عنك مهما فعلت، وبالتالي لا أعتبر ما يقولونه مقياسا وأنا عندما اخترت الوقوف في وجه الاستبداد كنت أعلم أني أعمل بتناغم مع ما يطلبه الشعب التونسي وكنت ألمس هذا التناغم أينما حللت واليوم أقول ما قلته في عهد بن علي وبالتالي قراءتي ليست جديدة وليست ركوبا على الأحدث بل قراءة لروح المجتمع التونسي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق