المشهد مخيف وينذر بخطر داهم.. الميليشيات المسلحة علي الأبواب وإذا لم تكن هناك وقفة جادة فسنتحول إلي لبنان آخر تعتصره الطائفية.. لست متشائما، ولكني قلق وما حدث علي مدار الأسبوع الماضي يكشف الصورة القاتمة التي تنتظرنا.
في توقيت متقارب اقتحم عدد من البلطجية قسم الساحل وأخرجوا 88 سجينا- تم القبض علي 25 منهم فيما بعد - وفي شارع عبد العزيز دارت معركة بين أصحاب المحلات وعصابات مسلحة أرادوا فرض إتاوات وانتهي الأمر بإصابة أكثر من 50 فرداً وتحطيم 7 محلات..
في الجيزة.. محاولة لاقتحام قسم العمرانية وخطة لتهريب 24 سجينا من حجز البدرشين.. المنصورة شهدت هجوم 120 مسلحا علي قسم شرطة دكرنس.. أمام مشيخة الأزهر تظاهر سلفيون ومنقبات للتنديد بفتوي د. علي جمعة والتي قال فيها إن النقاب عادة وليس من الدين ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بإقالة المفتي.
في نفس التوقيت أعلن الشيخ حافظ سلامة أنه سيؤدي صلاة الغائب علي بن لادن في مسجد النور بالعباسية في الوقت الذي ناشد فيه د. عبد الله الحسيني - وزير الأوقاف - اللواء منصور العيسوي - وزير الداخلية - التدخل لتمكين الشيخ أحمد ترك إمام مسجد النور من اعتلاء المنبر وإلقاء خطبة الجمعة لأن الشيخ حافظ سلامة صرح بأنه لن يسمح للشيخ «ترك» بالصعود إلي المنبر.
أكتب هذا المقال ليلة الخميس لظروف طبع المجلة.. ولا أدري هل سينفذ الشيخ حافظ تهديده، أم تنجح الأوقاف في حماية شيخها؟.. معركة جامع النور بين السلفيين بقيادة سلامة وإمام المسجد المعين من قبل الأوقاف مستمرة منذ ثلاثة أسابيع.
دون حسم، علي مقربة من جامع النور وفي مبني الكاتدرائية بالعباسية. يحتشد شباب أقباط من أجل مظاهرة مليونية ردا علي ما قام به السلفيون الأسبوع الماضي بمحاصرة مبني الكاتدرائية والصلاة أمامها مطالبين بظهور «كاميليا شحاتة» وهي السيدة التي يقول السلفيون إنها أسلمت وتخبئها الكنيسة في أحد الأديرة.. بينما تقول الكنيسة إنها مسيحية ونحن لا ندري عن مكانها شيئا.
هناك تصاعد للعنف في الشارع والهشاشة الأمنية أفرزت حتي الآن فريقين: الأول هم البلطجية الذين يريدون فرض سطوتهم علي الشارع.. وهؤلاء كان يتم استخدامهم من قبل المرشحين في الانتخابات لتقفيل اللجان وتزوير الأصوات وإرهاب المنافسين.. وهؤلاء أيضا كان معظمهم يعمل مرشدا لضباط الداخلية قبل ثورة 25 يناير ومقابل ذلك كانوا يفرضون الإتاوات علي الأهالي في المناطق العشوائية. وفي ظل الانفلات الأمني وغيبة الشرطة وقلة الدخل بدأوا يزحفون إلي الشوارع الأخري.. وساعدهم في ذلك التحامهم بعدد غير قليل من السجناء الذين فروا من السجون عقب اقتحامها يوم 28 يناير، وهؤلاء شكلوا عصابات وميليشيات مسلحة ترهب الآن المواطن والشارع المصري.
الفريق الثاني وهو الأخطر لأنه يستند إلي اتجاهات دينية ويدعم نفسه بلافتات تجذب رجل الشارع أو تجعله حرجا من مواجهته.
وهؤلاء هم الذين قاموا بقطع أذن مواطن مسيحي في قنا لأنهم شكوا في أنه علي علاقة بسيدة مسلمة، فقاموا بـ«تعزيره» وليس إقامة الحد لأنهم لم يضبطوه متلبسا بالجريمة.. وهؤلاء هدموا الأضرحة في البحيرة واستتابوا سيدة شكوا في سلوكها في مدينة السادات.. وهم أيضا الذين حاصروا الكاتدرائية الأسبوع الماضي مطالبين بالإفراج عن كاميليا شحاتة.
وهؤلاء الذين هددوا بالقيام بمسيرة إلي الأديرة واقتحامها بحثا عمن أسموهن أخوات كاميليا.. وغير بعيد عن هؤلاء الذين هدموا كنيسة صول.. وفي المقابل فإن الدعوة إلي مليونية قبطية تصب في نفس الاتجاه الخطر، أيضا غير بعيد عن هؤلاء الذين يرون أن بن لادن شهيد ويدعون لصلاة الغائب عليه ويرونه أفضل رجل في العالم.. حقيقة أننا لا نقر ما قامت به أمريكا، وكان يجب القبض عليه ومحاكمته وليس قتله غيلة.. ولكن هذا لا ينفي أنه كان إرهابيا قتل أبرياء وأضر بالإسلام ضررا بالغا وشوه صورته في عين المواطن الغربي.. كما أن تنظيم القاعدة الذي كان يقوده قام بعمليات إجرامية ضد مواطنين مسلمين في دول مختلفة، ومنها مصر، ولعلنا جميعا نذكر كيف تم تدمير السفارة المصرية في باكستان.. فهل يمكن أن نصلي علي قاتل المسلمين، ونعتبره بطلا.
إن خطورة اعتبار بن لادن شهيدا هي أننا نقر بسلامة وبطولة ما فعله وأن ما قام به جهاد، وهو أمر قد يتطور من الإعجاب إلي تبني أفكاره وأفعاله، إن الإرهاب الذي عانينا منه في مصر طوال التسعينيات من القرن الماضي بدأ بالتشدد ثم التطرف حتي وصل إلي الإرهاب والصدام المسلح حين تكونت جماعات رفعت راية الإسلام وأمسكت بالسلاح تقاتل به الدولة وتسيطر علي الشارع.. الآن هل تعود هذه الأيام مرة أخري في صورة جماعات أخري؟
حقيقة الجماعات الإسلامية التي اصطدمت مع الدولة في التسعينيات أعلنت مبادرتها لوقف العنف وقامت بعمل مراجعات فكرية تحمد لها، وأصبحت تري أن العنف لن يؤدي إلا إلي الإضرار بالإسلام.
ولعل موقفها من قتل بن لادن يؤكد موقفها الفكري الجديد حيث أعلن قادتها أنهم لا يقرون قتله ويطلبون له الرحمة والمغفرة لما فعله ولكنهم يرون أيضاً أنه أضر بالإسلام كثيرا.
ولكن في مقابل الروح الجديدة للجماعات الإسلامية ظهرت المجموعات السلفية التي أصبحت الآن
الأعلي صوتا والأعنف فعلا.. فهل نري تطورا للمشهد وتحمل هذه المجموعات السلفية السلاح؟ وهل نجد مقابلها مجموعات مسيحية مسلحة تحت دعوي حماية أنفسهم؟
المواطن المصري الآن أصبح بين نارين: البلطجية والسلفية وكلاهما يحاول فرض كلمته علي الشارع المصري.. ولعل هذا ما دفع اللواء مختار الملا عضو المجلس الأعلي العسكري للقول بأننا نخشي من لبننة مصر حيث اتهم فلول النظام السابق وأيدي خارجية بأنهم وراء الانهيار الأمني وأعمال الترويع والبلطجة.
بالفعل نحن في خطر، ولعل أفضل ما فعلته ثورة 25 يناير أنها أسقطت النظام وحافظت علي الدولة، ولكن هناك الآن من يحاول تفكيك الدولة وإشاعة جو الرعب ومناخ القلق، وإذا تركنا هذا الأمر دون مواجهة حقيقية فسيكون الثمن باهظا.. إنني أدعو القوي السياسية المختلفة ومنظمات المجتمع المدني والإعلام إلي التكاتف والوقوف أمام هذه الهجمة الشرسة، وأن نبدأ في بناء منظومة الأمن مهما كلفنا من أموال، وأن نضع أولويات لنا.. في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نواجهها لابد أن ندرك أهمية الإنتاج والعمل.
وأن المطالب الفئوية لن تتحقق في ظل اقتصاد ضعيف وأن كل ساعة يتوقف فيها مكن المصانع هي خسارة، وخطوة للوراء وأن أحدا لن يستفيد من هذه الوقفات الاحتجاجية ورغم أن كثيراً منها مطالبها مشروعة إلا أنها ليست هي الحل الآن.. الوضع الاقتصادي الضعيف والانفلات الأمني يضرب الثورة في مقتل.. الآن مطلوب فوراً أن نحدد ماذا نريد وكيف نصل إليه قبل أن تحكمنا الميليشيات المسلحة بجميع طوائفها أو نصل إلي لبننة مصر.
في توقيت متقارب اقتحم عدد من البلطجية قسم الساحل وأخرجوا 88 سجينا- تم القبض علي 25 منهم فيما بعد - وفي شارع عبد العزيز دارت معركة بين أصحاب المحلات وعصابات مسلحة أرادوا فرض إتاوات وانتهي الأمر بإصابة أكثر من 50 فرداً وتحطيم 7 محلات..
في الجيزة.. محاولة لاقتحام قسم العمرانية وخطة لتهريب 24 سجينا من حجز البدرشين.. المنصورة شهدت هجوم 120 مسلحا علي قسم شرطة دكرنس.. أمام مشيخة الأزهر تظاهر سلفيون ومنقبات للتنديد بفتوي د. علي جمعة والتي قال فيها إن النقاب عادة وليس من الدين ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بإقالة المفتي.
في نفس التوقيت أعلن الشيخ حافظ سلامة أنه سيؤدي صلاة الغائب علي بن لادن في مسجد النور بالعباسية في الوقت الذي ناشد فيه د. عبد الله الحسيني - وزير الأوقاف - اللواء منصور العيسوي - وزير الداخلية - التدخل لتمكين الشيخ أحمد ترك إمام مسجد النور من اعتلاء المنبر وإلقاء خطبة الجمعة لأن الشيخ حافظ سلامة صرح بأنه لن يسمح للشيخ «ترك» بالصعود إلي المنبر.
أكتب هذا المقال ليلة الخميس لظروف طبع المجلة.. ولا أدري هل سينفذ الشيخ حافظ تهديده، أم تنجح الأوقاف في حماية شيخها؟.. معركة جامع النور بين السلفيين بقيادة سلامة وإمام المسجد المعين من قبل الأوقاف مستمرة منذ ثلاثة أسابيع.
دون حسم، علي مقربة من جامع النور وفي مبني الكاتدرائية بالعباسية. يحتشد شباب أقباط من أجل مظاهرة مليونية ردا علي ما قام به السلفيون الأسبوع الماضي بمحاصرة مبني الكاتدرائية والصلاة أمامها مطالبين بظهور «كاميليا شحاتة» وهي السيدة التي يقول السلفيون إنها أسلمت وتخبئها الكنيسة في أحد الأديرة.. بينما تقول الكنيسة إنها مسيحية ونحن لا ندري عن مكانها شيئا.
هناك تصاعد للعنف في الشارع والهشاشة الأمنية أفرزت حتي الآن فريقين: الأول هم البلطجية الذين يريدون فرض سطوتهم علي الشارع.. وهؤلاء كان يتم استخدامهم من قبل المرشحين في الانتخابات لتقفيل اللجان وتزوير الأصوات وإرهاب المنافسين.. وهؤلاء أيضا كان معظمهم يعمل مرشدا لضباط الداخلية قبل ثورة 25 يناير ومقابل ذلك كانوا يفرضون الإتاوات علي الأهالي في المناطق العشوائية. وفي ظل الانفلات الأمني وغيبة الشرطة وقلة الدخل بدأوا يزحفون إلي الشوارع الأخري.. وساعدهم في ذلك التحامهم بعدد غير قليل من السجناء الذين فروا من السجون عقب اقتحامها يوم 28 يناير، وهؤلاء شكلوا عصابات وميليشيات مسلحة ترهب الآن المواطن والشارع المصري.
الفريق الثاني وهو الأخطر لأنه يستند إلي اتجاهات دينية ويدعم نفسه بلافتات تجذب رجل الشارع أو تجعله حرجا من مواجهته.
وهؤلاء هم الذين قاموا بقطع أذن مواطن مسيحي في قنا لأنهم شكوا في أنه علي علاقة بسيدة مسلمة، فقاموا بـ«تعزيره» وليس إقامة الحد لأنهم لم يضبطوه متلبسا بالجريمة.. وهؤلاء هدموا الأضرحة في البحيرة واستتابوا سيدة شكوا في سلوكها في مدينة السادات.. وهم أيضا الذين حاصروا الكاتدرائية الأسبوع الماضي مطالبين بالإفراج عن كاميليا شحاتة.
وهؤلاء الذين هددوا بالقيام بمسيرة إلي الأديرة واقتحامها بحثا عمن أسموهن أخوات كاميليا.. وغير بعيد عن هؤلاء الذين هدموا كنيسة صول.. وفي المقابل فإن الدعوة إلي مليونية قبطية تصب في نفس الاتجاه الخطر، أيضا غير بعيد عن هؤلاء الذين يرون أن بن لادن شهيد ويدعون لصلاة الغائب عليه ويرونه أفضل رجل في العالم.. حقيقة أننا لا نقر ما قامت به أمريكا، وكان يجب القبض عليه ومحاكمته وليس قتله غيلة.. ولكن هذا لا ينفي أنه كان إرهابيا قتل أبرياء وأضر بالإسلام ضررا بالغا وشوه صورته في عين المواطن الغربي.. كما أن تنظيم القاعدة الذي كان يقوده قام بعمليات إجرامية ضد مواطنين مسلمين في دول مختلفة، ومنها مصر، ولعلنا جميعا نذكر كيف تم تدمير السفارة المصرية في باكستان.. فهل يمكن أن نصلي علي قاتل المسلمين، ونعتبره بطلا.
إن خطورة اعتبار بن لادن شهيدا هي أننا نقر بسلامة وبطولة ما فعله وأن ما قام به جهاد، وهو أمر قد يتطور من الإعجاب إلي تبني أفكاره وأفعاله، إن الإرهاب الذي عانينا منه في مصر طوال التسعينيات من القرن الماضي بدأ بالتشدد ثم التطرف حتي وصل إلي الإرهاب والصدام المسلح حين تكونت جماعات رفعت راية الإسلام وأمسكت بالسلاح تقاتل به الدولة وتسيطر علي الشارع.. الآن هل تعود هذه الأيام مرة أخري في صورة جماعات أخري؟
حقيقة الجماعات الإسلامية التي اصطدمت مع الدولة في التسعينيات أعلنت مبادرتها لوقف العنف وقامت بعمل مراجعات فكرية تحمد لها، وأصبحت تري أن العنف لن يؤدي إلا إلي الإضرار بالإسلام.
ولعل موقفها من قتل بن لادن يؤكد موقفها الفكري الجديد حيث أعلن قادتها أنهم لا يقرون قتله ويطلبون له الرحمة والمغفرة لما فعله ولكنهم يرون أيضاً أنه أضر بالإسلام كثيرا.
ولكن في مقابل الروح الجديدة للجماعات الإسلامية ظهرت المجموعات السلفية التي أصبحت الآن
الأعلي صوتا والأعنف فعلا.. فهل نري تطورا للمشهد وتحمل هذه المجموعات السلفية السلاح؟ وهل نجد مقابلها مجموعات مسيحية مسلحة تحت دعوي حماية أنفسهم؟
المواطن المصري الآن أصبح بين نارين: البلطجية والسلفية وكلاهما يحاول فرض كلمته علي الشارع المصري.. ولعل هذا ما دفع اللواء مختار الملا عضو المجلس الأعلي العسكري للقول بأننا نخشي من لبننة مصر حيث اتهم فلول النظام السابق وأيدي خارجية بأنهم وراء الانهيار الأمني وأعمال الترويع والبلطجة.
بالفعل نحن في خطر، ولعل أفضل ما فعلته ثورة 25 يناير أنها أسقطت النظام وحافظت علي الدولة، ولكن هناك الآن من يحاول تفكيك الدولة وإشاعة جو الرعب ومناخ القلق، وإذا تركنا هذا الأمر دون مواجهة حقيقية فسيكون الثمن باهظا.. إنني أدعو القوي السياسية المختلفة ومنظمات المجتمع المدني والإعلام إلي التكاتف والوقوف أمام هذه الهجمة الشرسة، وأن نبدأ في بناء منظومة الأمن مهما كلفنا من أموال، وأن نضع أولويات لنا.. في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نواجهها لابد أن ندرك أهمية الإنتاج والعمل.
وأن المطالب الفئوية لن تتحقق في ظل اقتصاد ضعيف وأن كل ساعة يتوقف فيها مكن المصانع هي خسارة، وخطوة للوراء وأن أحدا لن يستفيد من هذه الوقفات الاحتجاجية ورغم أن كثيراً منها مطالبها مشروعة إلا أنها ليست هي الحل الآن.. الوضع الاقتصادي الضعيف والانفلات الأمني يضرب الثورة في مقتل.. الآن مطلوب فوراً أن نحدد ماذا نريد وكيف نصل إليه قبل أن تحكمنا الميليشيات المسلحة بجميع طوائفها أو نصل إلي لبننة مصر.
0 التعليقات:
إرسال تعليق