الاهرام
بقلم: البابا شنودة الثالثالعنف منفر ومنذ خلق الله الكائنات الحية, لم يكن فيها عنف, كان يعيش وسط الحيوانات, ولم
يكن يخاف احدا منها, حتي ما سمي منها بالوحوش, لم يكن متوحشا أيام أبينا آدم.
اول قصة في قدم الخليقة كانت حينما قام اخو هابيل عليه فقتله, وكان هابيل هو اول ضحية للعنف وقتذاك, او هو اول ضحية للعنف علي مدي العصور, وفي قصة الطوفان والفلك, كانت كل الحيوانات معا, لكي لايفني احد منها حين الخروج من الفلك, فلا يحدث افتراس من متوحش لاليف, وانما بدأ التوحش, حينما بدأت مهنة الصيد, حينما كان الناس يطاردون الحيوانات ليصيدوا هذه الحيوانات ويفتكوا بها, وكان رد الفعل من جهة الحيوانات هو التوحش, ومن هنا أتي اسم الحيوانات المتوحشة.
وبعد رسو الفلك, صرح الله للإنسان ان يأكل من اللحم, اي من لحم الحيوانات الطاهرة, وقال لهم: غير ان لحما بدمه لاتأكلوه.
واصبح الله يطالب بدم كل انسان يقتل بدم الانسان اخيه, وكان اخوته هم كل ابناء نوح.. غير ان القتل تفرع كثيرا بأنواعه, فصارت هناك انواع من الحروب: الهجومية منها والدفاعية, وبعد الحرب العالمية, فصدرت قائمة بأسماء مجرمي الحرب, لانهم رأوا ان البعض كانوا مجرمين في حق البشرية جمعاء لمسئوليتهم عن تلك الحروب التي تسببوا بها في قتل وتشويه وتشريد عدد كبير من الناس بدون مبرر ولا داع, وهناك قوانين عالمية لمنع اسلحة معينة قاتلة او مشوهة او مدمرة, وقوانين أخري لمنع الاعتداء علي المستشفيات وعلي المدنيين والمؤسسات الانسانية والاطفال والنساء اثناء الحرب.
هناك انواع اخري من القتل يؤدي اليها الغضب المدمر, وهي القتل المعنوي, وان كانت لاتقتل الجسد المادي كله, إلا أنها تقتل الاعصاب ومنها عبارات التشهير واضاعة سمعة الانسان وقيمته الادبية ومركزه الاجتماعي بين الناس, كل ذلك يمكن ان نسميه بالقتل الادبي.
نقطة اخري يمكن بها لأب قاس ان يلغي شخصية ابنه او يحطمها بحيث ينشأ معدوم الشخصية لايستطيع ان يتصرف في شيء, ومثله مثل ايضا زوج مستبد مرءوسيه مع امرأته, او رئيس مستبد في العمل مع مرؤسيه, يحدث ذلك عن طريق سوء المعاملة او تثبيط الهمة باستمرار, او اشعار الانسان في كل مجال انه عاجز وفاشل ولايصلح لشيء, مع عدم اعطائه فرصة لانماء شخصيته حتي يفشل ويخور, كل هذا قتل معنوي.
في غضب الانسان قد يدخل مع آخر في اعتداء جسدي, او الضرب والإيذاء والتعذيب والتشويه, وقد يتطور الاعتداء الي احداث عاهة مستديمة, بأن يفقده عضو من جسده, او يشوه وجهه.. الخ.
ان تطورنا مع مثل هذا الغضب قد نصل حتي الي مجرد جرح شعور انسان.. وفي هذا ايضا يمكن ان تدخل كل امثلة قتل الاعصاب او الاغاظة, او يغلي المعتدي عليه داخل نفسه وتظل الافكار تتعبه من الداخل, والحزن والالم والغيظ وكل ذلك يعكر دمه وربما يمرض.
هناك انواع من الغضب الخاطئ تدخل في ارغام فتاة مثلا علي زواج لاتقبله, ويدخلها في شكوك نفسية متعبة كأن تهددها الاسرة بأنها في موقف رفضها انما تدخل في مجال تعذيب ابيها او امها او ان رفضها يؤدي الي غضبهما او الي الشك في سمعتها بأنها تحب أنسانا اخر, وهناك عنف آخر يدخل في كثرة الشكوي من الصغار, والتهديد من الكبار.. وكل ذلك ضد الوداعة والمحبة, حيث قيل عن السيد المسيح إنه: كان لايخاصم ولايصيح ولايسمع احد في الشوارع صوته, قصبة مرضوضة لايقصف وفتيلة مدخنة لايطفئ.
هناك نوع اخر من العنف هو عنف التشامخ والسيطرة وقيل عنه في سفر اشعياء النبي: ان لرب الجنود يوما علي هؤلاء فيخفض تشامخ الانسان, وتوضع رفعة الناس, ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم.
وقد يغضب البعض لأنه يريد ان يتمم كل شئ حسب هواه, ويتضايق من الذين يقفون ضد ارادته او لا يسلكون حسب رأيه وطبيعي ان الانسان كثيرا ما يختلف في الفكر والاتجاه وفي الشعور والارادة, ولايمكن لهذا الانسان ان يجد كل الناس يوافقونه, فإن أصر البعض علي اتجاه آخر لابد ان يصطدم بهم ويغضب, وقد يغضب الانسان لأنه له رغبة لم تحقق: مثال ذلك الابن المدلل الذي يقدم رغبات يصر علي تحقيقها مهما كان الامر, وقد يكون ذلك غير ممكن, او ليس في صالحه, او ليس مناسبا من جهة الوقت, ولكنه يغضب, وقد يثور لان رغبته لم تتحقق.
وقد تغضب الزوجة ايضا بالمثل لرغبات تطلبها من زوجها ولم تتحقق, ولنفس السبب قد يغضب المرءوس من رئيسه في العمل ويثور عليه.
هناك سبب آخر للغضب هو حب التسلط, وهو تعب نفسي وروحي يقع فيه كثيرون ولابد ان يقود الي الغضب, مادام هذا التسلط يريد ان يفرض ارادته علي غيره, بحق او بغير حق, وهذا التسلط يتدخل في شئون الغير ويقيم نفسه وصيا او رقيبا عليه, مما يؤدي الي غضب هذا الغير, والي غضب المتسلط الذي يريد خضوع غيره له, ربما في كل مكان يحل فيه!
وان لم يأخذوا برأيه او بأوامره يغضب, وقد يعاند ويتشاجر ويعلو صوته, او يفرض رأيه بالعنف وبالعناد وبتصلب الرأي!!
هناك نوع آخر من الغضب يمكن ان يسمي بالغضب القبلي, اي انه اذا غضب عليك واحد منهم تجد كل من حوله ينضمون اليه كما قال الشاعر.
اذا غضبت عليك بنو تميم.. وجدت القوم كلهم غضابا
مثل هذا لايغضب لسبب شخصي, انما تضامنا مع افراد فرقته.
بقلم: البابا شنودة الثالثالعنف منفر ومنذ خلق الله الكائنات الحية, لم يكن فيها عنف, كان يعيش وسط الحيوانات, ولم
يكن يخاف احدا منها, حتي ما سمي منها بالوحوش, لم يكن متوحشا أيام أبينا آدم.
اول قصة في قدم الخليقة كانت حينما قام اخو هابيل عليه فقتله, وكان هابيل هو اول ضحية للعنف وقتذاك, او هو اول ضحية للعنف علي مدي العصور, وفي قصة الطوفان والفلك, كانت كل الحيوانات معا, لكي لايفني احد منها حين الخروج من الفلك, فلا يحدث افتراس من متوحش لاليف, وانما بدأ التوحش, حينما بدأت مهنة الصيد, حينما كان الناس يطاردون الحيوانات ليصيدوا هذه الحيوانات ويفتكوا بها, وكان رد الفعل من جهة الحيوانات هو التوحش, ومن هنا أتي اسم الحيوانات المتوحشة.
وبعد رسو الفلك, صرح الله للإنسان ان يأكل من اللحم, اي من لحم الحيوانات الطاهرة, وقال لهم: غير ان لحما بدمه لاتأكلوه.
واصبح الله يطالب بدم كل انسان يقتل بدم الانسان اخيه, وكان اخوته هم كل ابناء نوح.. غير ان القتل تفرع كثيرا بأنواعه, فصارت هناك انواع من الحروب: الهجومية منها والدفاعية, وبعد الحرب العالمية, فصدرت قائمة بأسماء مجرمي الحرب, لانهم رأوا ان البعض كانوا مجرمين في حق البشرية جمعاء لمسئوليتهم عن تلك الحروب التي تسببوا بها في قتل وتشويه وتشريد عدد كبير من الناس بدون مبرر ولا داع, وهناك قوانين عالمية لمنع اسلحة معينة قاتلة او مشوهة او مدمرة, وقوانين أخري لمنع الاعتداء علي المستشفيات وعلي المدنيين والمؤسسات الانسانية والاطفال والنساء اثناء الحرب.
هناك انواع اخري من القتل يؤدي اليها الغضب المدمر, وهي القتل المعنوي, وان كانت لاتقتل الجسد المادي كله, إلا أنها تقتل الاعصاب ومنها عبارات التشهير واضاعة سمعة الانسان وقيمته الادبية ومركزه الاجتماعي بين الناس, كل ذلك يمكن ان نسميه بالقتل الادبي.
نقطة اخري يمكن بها لأب قاس ان يلغي شخصية ابنه او يحطمها بحيث ينشأ معدوم الشخصية لايستطيع ان يتصرف في شيء, ومثله مثل ايضا زوج مستبد مرءوسيه مع امرأته, او رئيس مستبد في العمل مع مرؤسيه, يحدث ذلك عن طريق سوء المعاملة او تثبيط الهمة باستمرار, او اشعار الانسان في كل مجال انه عاجز وفاشل ولايصلح لشيء, مع عدم اعطائه فرصة لانماء شخصيته حتي يفشل ويخور, كل هذا قتل معنوي.
في غضب الانسان قد يدخل مع آخر في اعتداء جسدي, او الضرب والإيذاء والتعذيب والتشويه, وقد يتطور الاعتداء الي احداث عاهة مستديمة, بأن يفقده عضو من جسده, او يشوه وجهه.. الخ.
ان تطورنا مع مثل هذا الغضب قد نصل حتي الي مجرد جرح شعور انسان.. وفي هذا ايضا يمكن ان تدخل كل امثلة قتل الاعصاب او الاغاظة, او يغلي المعتدي عليه داخل نفسه وتظل الافكار تتعبه من الداخل, والحزن والالم والغيظ وكل ذلك يعكر دمه وربما يمرض.
هناك انواع من الغضب الخاطئ تدخل في ارغام فتاة مثلا علي زواج لاتقبله, ويدخلها في شكوك نفسية متعبة كأن تهددها الاسرة بأنها في موقف رفضها انما تدخل في مجال تعذيب ابيها او امها او ان رفضها يؤدي الي غضبهما او الي الشك في سمعتها بأنها تحب أنسانا اخر, وهناك عنف آخر يدخل في كثرة الشكوي من الصغار, والتهديد من الكبار.. وكل ذلك ضد الوداعة والمحبة, حيث قيل عن السيد المسيح إنه: كان لايخاصم ولايصيح ولايسمع احد في الشوارع صوته, قصبة مرضوضة لايقصف وفتيلة مدخنة لايطفئ.
هناك نوع اخر من العنف هو عنف التشامخ والسيطرة وقيل عنه في سفر اشعياء النبي: ان لرب الجنود يوما علي هؤلاء فيخفض تشامخ الانسان, وتوضع رفعة الناس, ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم.
وقد يغضب البعض لأنه يريد ان يتمم كل شئ حسب هواه, ويتضايق من الذين يقفون ضد ارادته او لا يسلكون حسب رأيه وطبيعي ان الانسان كثيرا ما يختلف في الفكر والاتجاه وفي الشعور والارادة, ولايمكن لهذا الانسان ان يجد كل الناس يوافقونه, فإن أصر البعض علي اتجاه آخر لابد ان يصطدم بهم ويغضب, وقد يغضب الانسان لأنه له رغبة لم تحقق: مثال ذلك الابن المدلل الذي يقدم رغبات يصر علي تحقيقها مهما كان الامر, وقد يكون ذلك غير ممكن, او ليس في صالحه, او ليس مناسبا من جهة الوقت, ولكنه يغضب, وقد يثور لان رغبته لم تتحقق.
وقد تغضب الزوجة ايضا بالمثل لرغبات تطلبها من زوجها ولم تتحقق, ولنفس السبب قد يغضب المرءوس من رئيسه في العمل ويثور عليه.
هناك سبب آخر للغضب هو حب التسلط, وهو تعب نفسي وروحي يقع فيه كثيرون ولابد ان يقود الي الغضب, مادام هذا التسلط يريد ان يفرض ارادته علي غيره, بحق او بغير حق, وهذا التسلط يتدخل في شئون الغير ويقيم نفسه وصيا او رقيبا عليه, مما يؤدي الي غضب هذا الغير, والي غضب المتسلط الذي يريد خضوع غيره له, ربما في كل مكان يحل فيه!
وان لم يأخذوا برأيه او بأوامره يغضب, وقد يعاند ويتشاجر ويعلو صوته, او يفرض رأيه بالعنف وبالعناد وبتصلب الرأي!!
هناك نوع آخر من الغضب يمكن ان يسمي بالغضب القبلي, اي انه اذا غضب عليك واحد منهم تجد كل من حوله ينضمون اليه كما قال الشاعر.
اذا غضبت عليك بنو تميم.. وجدت القوم كلهم غضابا
مثل هذا لايغضب لسبب شخصي, انما تضامنا مع افراد فرقته.
0 التعليقات:
إرسال تعليق