بعد ساعات من قبول لجنة الأحزاب في مصر أوراق تأسيس أول حزب سياسي يمثل
السلفيين بمصر, فتح الباب على مصراعيه لتساؤلات بشأن ما يسمى مدنية الدولة
المصرية والمرجعية الدينية, فضلا عن علامات استفهام إزاء حظوظ التيار
السلفي في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة.وقد قبلت لجنة الأحزاب
أوراق تأسيس حزب النور, وسط مخاوف من قوى سياسية مصرية تشدد
على "مدنية الدولة" وتحذر مما تسميه "إنشاء الأحزاب على أساس ديني".
وتتعاظم تلك المخاوف مع دخول التيار السلفي معترك السياسة بكل قوة وعزمه خوض أي انتخابات مقبلة, وذلك على خلفية قاعدة عريضة توصف بأنها الأوسع شعبيا وإن كانت أقل تنظيما من جماعة مثل الإخوان المسلمين.
وقد ظل التيار السلفي بعيدا فترات طويلة عن الساحة, لكنه ظهر لأول مرة على خجل عام 2010 لدى المطالبة بالكشف عن مصير كاميليا شحاتة، المسيحية التي ترددت أنباء عن إسلامها قبل أن تعيدها الشرطة مرة أخرى للكنيسة.
قاعدة شعبية
ويوجد السلفيون بالشارع المصري عبر العديد من الجمعيات الخيرية والخدمية الأكثر احتكاكا بالجماهير, ويأتي على رأسها "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية", والتي تنتشر بطول مصر وعرضها, وتشدد على العمل الخيري, فضلا عن "تنقية الدين من البدع والخرافات، ومكافحة التبرك والتمسح بالأضرحة أو النذر لها والصلاة فيها".
وتتضمن القائمة أيضا "جماعة أنصار السنة المحمدية" التي تدعو عبر المئات من فروعها للتمسك "بصحيح السنة بفهم السلف الصالح". ويعزو مراقبون انتشار السلفية بمصر إلى المصريين العائدين من السعودية خلال الربع قرن الأخير, لا سيما بعد حرب الخليج.
ثورة 25 يناير
ورغم أن أغلب التيار السلفي كان يشدد على عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم حتى لو كان فاسقا، فإن البعض منهم يرفض معارضة الحاكم مطلقا، أو حتى إبداء النصيحة له في العلن.
وحتى مع الأيام الأولى لثورة 25 يناير, لم يخرج السلفيون عن موقفهم التقليدي بشأن عدم جواز الخروج على الحاكم, إلى أن اتضحت الأمور وبدا أنها تسير في طريق اللاعودة بالنسبة لنظام مبارك.
ولم يتردد السلفيون كثيرا في الانضمام للثورة خاصة بعد أن بدا أنه لا بديل عن مجابهة نظام مبارك الذي ناصبهم العداء في شهوره الأخيرة بإغلاق قنواتهم الفضائية وعلى رأسها قنوات الناس والرحمة والحكمة.
وبعد نجاح الثورة بالإطاحة بمبارك وقف السلفيون يعلنون عن أنفسهم بكل قوة مشددين على المرجعية الدينية. وكان الاستفتاء على التعديلات الدستورية هو الحضور الأبرز لهم, رافعين شعار "غزوة الصناديق" الذي جاء على لسان الشيح حسين يعقوب أحد أبرز قادة هذا التيار والذي اعتبر الأمر تصويتا على المادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
ومنذ الاستفتاء تحرك السلفيون لإنشاء الأحزاب ومدّ جسور التواصل السياسي مع الجماهير بعد أن ظلت سنوات طويلة عبر العمل الخيري فقط.
ويعد السلفيون لتقديم مرشحيهم في كافة أنحاء مصر لخوض الانتخابات البرلمانية, بل والكشف عن إمكانية دعم مرشح رئاسي بعينه هو الشيخ د. حازم صلاح أبو إسماعيل المحسوب سياسيا على جماعة الإخوان وإن لم يكن عضوا فيها.
وفي هذا السياق انطلقت حملة ترشيح أبو إسماعيل عبر قنوات السلفيين الفضائية (الناس والحكمة والرحمة), وسط توقعات بحظوظ متزايدة في الفوز, لا سيما وأن إمكانية دعم الإخوان له قائمة, حيث لا يمثل ذلك تراجعا عن موقف معلن برفض التقدم بمرشح إخواني على اعتبار أن أبو إسماعيل "ليس عضوا" وإن كان يحمل نفس الفكر السياسي.
"
قد يصبح السلفيون بمثابة المارد الذي خرج من القمقم ويقود مصر في مرحلة ما بعد 25 يناير مستفيدا من أجواء الصدمة والذهول وحالة عدم وضوح الرؤية التي أعقبت سقوط مبارك وأركان نظامه
"
ورغم أنه لا توجد أرقام محددة توضح حجم وشعبية التيار السلفي في مصر, فإن متابعين للحالة المصرية يصنفون غالبية الشعب المصري "المتدين" على أنه من السلفيين, فهم مسلمون يأخذون الإسلام من أصليه الكتاب والسنة وبفهم السلف الصالح، ويرفضون البدع, ويشددون على الاجتهاد في طلب العلم الشرعي.
ومن أبرز قادة السلفيين حاليا الداعية الشهير محمد حسان الذي يشرف على قناة الرحمة الفضائية, وكذلك الشيخ مصطفى العدوي والشيخ محمد حسين يعقوب, إضافة إلى الشيخ أبو إسحاق الحويني.
وقد كان للشيخ حسان حضور لافت بميدان التحرير أثناء الثورة, حيث ساهم بشكل كبير في تطوير الخطاب السلفي ونقله إلى الساحة السياسية, ليجد قبولا متزايدا بالشارع الذي لم يضع بعد حدودا فاصلة بين العديد ممن يسمون بجماعات الإسلام السياسي, بما قد يصب في صالح السلفيين السياسيين الأكثر اتصالا بالجماهير عبر العمل الخيري والدعوي.
مأزق العلمانيين
في مقابل ذلك يرى أنصار التيار العلماني أنهم باتوا في مأزق حقيقي, لا سيما وأن القبول باللعبة الديمقراطية يعني الاحتكام لصناديق الاقتراع, وهو ما قد يفرز واقعا سياسيا جديدا كشفت عن بعض مؤشراته نتيجة الاستفتاء على تعديلات الدستور.
ولا يتردد التيار العلماني في إظهار بعض التأفف من اللعبة الديمقراطية إلى درجة المطالبة بتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية حتى يتمكن من يصفونهم بالثوار الحقيقيين بميدان التحرير من تقديم أنفسهم للشارع والتحذير من خطورة المشروع الديني. وفي هذا السياق لا مانع لدى هؤلاء من استمرار المجلس العسكري في إدارة شؤون البلاد.
وتبدو التطورات على الأرض هي الحكم والمحدد لما يمكن أن تتمخض عنه التجربة الحالية, وما ستتكشف عنه طبيعة مصر في مرحلة ما بعد مبارك.
وقد يصبح السلفيون بمثابة المارد الذي خرج من القمقم, ويقود مصر في مرحلة ما بعد 25 يناير مستفيدا من أجواء الصدمة والذهول وحالة عدم وضوح الرؤية التي أعقبت سقوط مبارك وأركان نظامه.
الجزيره
على "مدنية الدولة" وتحذر مما تسميه "إنشاء الأحزاب على أساس ديني".
وتتعاظم تلك المخاوف مع دخول التيار السلفي معترك السياسة بكل قوة وعزمه خوض أي انتخابات مقبلة, وذلك على خلفية قاعدة عريضة توصف بأنها الأوسع شعبيا وإن كانت أقل تنظيما من جماعة مثل الإخوان المسلمين.
وقد ظل التيار السلفي بعيدا فترات طويلة عن الساحة, لكنه ظهر لأول مرة على خجل عام 2010 لدى المطالبة بالكشف عن مصير كاميليا شحاتة، المسيحية التي ترددت أنباء عن إسلامها قبل أن تعيدها الشرطة مرة أخرى للكنيسة.
قاعدة شعبية
ويوجد السلفيون بالشارع المصري عبر العديد من الجمعيات الخيرية والخدمية الأكثر احتكاكا بالجماهير, ويأتي على رأسها "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية", والتي تنتشر بطول مصر وعرضها, وتشدد على العمل الخيري, فضلا عن "تنقية الدين من البدع والخرافات، ومكافحة التبرك والتمسح بالأضرحة أو النذر لها والصلاة فيها".
وتتضمن القائمة أيضا "جماعة أنصار السنة المحمدية" التي تدعو عبر المئات من فروعها للتمسك "بصحيح السنة بفهم السلف الصالح". ويعزو مراقبون انتشار السلفية بمصر إلى المصريين العائدين من السعودية خلال الربع قرن الأخير, لا سيما بعد حرب الخليج.
ثورة 25 يناير
ورغم أن أغلب التيار السلفي كان يشدد على عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم حتى لو كان فاسقا، فإن البعض منهم يرفض معارضة الحاكم مطلقا، أو حتى إبداء النصيحة له في العلن.
وحتى مع الأيام الأولى لثورة 25 يناير, لم يخرج السلفيون عن موقفهم التقليدي بشأن عدم جواز الخروج على الحاكم, إلى أن اتضحت الأمور وبدا أنها تسير في طريق اللاعودة بالنسبة لنظام مبارك.
ولم يتردد السلفيون كثيرا في الانضمام للثورة خاصة بعد أن بدا أنه لا بديل عن مجابهة نظام مبارك الذي ناصبهم العداء في شهوره الأخيرة بإغلاق قنواتهم الفضائية وعلى رأسها قنوات الناس والرحمة والحكمة.
وبعد نجاح الثورة بالإطاحة بمبارك وقف السلفيون يعلنون عن أنفسهم بكل قوة مشددين على المرجعية الدينية. وكان الاستفتاء على التعديلات الدستورية هو الحضور الأبرز لهم, رافعين شعار "غزوة الصناديق" الذي جاء على لسان الشيح حسين يعقوب أحد أبرز قادة هذا التيار والذي اعتبر الأمر تصويتا على المادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
ومنذ الاستفتاء تحرك السلفيون لإنشاء الأحزاب ومدّ جسور التواصل السياسي مع الجماهير بعد أن ظلت سنوات طويلة عبر العمل الخيري فقط.
ويعد السلفيون لتقديم مرشحيهم في كافة أنحاء مصر لخوض الانتخابات البرلمانية, بل والكشف عن إمكانية دعم مرشح رئاسي بعينه هو الشيخ د. حازم صلاح أبو إسماعيل المحسوب سياسيا على جماعة الإخوان وإن لم يكن عضوا فيها.
وفي هذا السياق انطلقت حملة ترشيح أبو إسماعيل عبر قنوات السلفيين الفضائية (الناس والحكمة والرحمة), وسط توقعات بحظوظ متزايدة في الفوز, لا سيما وأن إمكانية دعم الإخوان له قائمة, حيث لا يمثل ذلك تراجعا عن موقف معلن برفض التقدم بمرشح إخواني على اعتبار أن أبو إسماعيل "ليس عضوا" وإن كان يحمل نفس الفكر السياسي.
"
قد يصبح السلفيون بمثابة المارد الذي خرج من القمقم ويقود مصر في مرحلة ما بعد 25 يناير مستفيدا من أجواء الصدمة والذهول وحالة عدم وضوح الرؤية التي أعقبت سقوط مبارك وأركان نظامه
"
ورغم أنه لا توجد أرقام محددة توضح حجم وشعبية التيار السلفي في مصر, فإن متابعين للحالة المصرية يصنفون غالبية الشعب المصري "المتدين" على أنه من السلفيين, فهم مسلمون يأخذون الإسلام من أصليه الكتاب والسنة وبفهم السلف الصالح، ويرفضون البدع, ويشددون على الاجتهاد في طلب العلم الشرعي.
ومن أبرز قادة السلفيين حاليا الداعية الشهير محمد حسان الذي يشرف على قناة الرحمة الفضائية, وكذلك الشيخ مصطفى العدوي والشيخ محمد حسين يعقوب, إضافة إلى الشيخ أبو إسحاق الحويني.
وقد كان للشيخ حسان حضور لافت بميدان التحرير أثناء الثورة, حيث ساهم بشكل كبير في تطوير الخطاب السلفي ونقله إلى الساحة السياسية, ليجد قبولا متزايدا بالشارع الذي لم يضع بعد حدودا فاصلة بين العديد ممن يسمون بجماعات الإسلام السياسي, بما قد يصب في صالح السلفيين السياسيين الأكثر اتصالا بالجماهير عبر العمل الخيري والدعوي.
مأزق العلمانيين
في مقابل ذلك يرى أنصار التيار العلماني أنهم باتوا في مأزق حقيقي, لا سيما وأن القبول باللعبة الديمقراطية يعني الاحتكام لصناديق الاقتراع, وهو ما قد يفرز واقعا سياسيا جديدا كشفت عن بعض مؤشراته نتيجة الاستفتاء على تعديلات الدستور.
ولا يتردد التيار العلماني في إظهار بعض التأفف من اللعبة الديمقراطية إلى درجة المطالبة بتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية حتى يتمكن من يصفونهم بالثوار الحقيقيين بميدان التحرير من تقديم أنفسهم للشارع والتحذير من خطورة المشروع الديني. وفي هذا السياق لا مانع لدى هؤلاء من استمرار المجلس العسكري في إدارة شؤون البلاد.
وتبدو التطورات على الأرض هي الحكم والمحدد لما يمكن أن تتمخض عنه التجربة الحالية, وما ستتكشف عنه طبيعة مصر في مرحلة ما بعد مبارك.
وقد يصبح السلفيون بمثابة المارد الذي خرج من القمقم, ويقود مصر في مرحلة ما بعد 25 يناير مستفيدا من أجواء الصدمة والذهول وحالة عدم وضوح الرؤية التي أعقبت سقوط مبارك وأركان نظامه.
الجزيره
0 التعليقات:
إرسال تعليق