...وو

نحن هنا من اجلك
اذا كانت لـك اي طلبات مسـاعده اكتب لنا
ونحن سوف نتكاتف معك من اجل تحقيقها

yo

الجمعة، مارس 11

من أجل الوطن لا الأقباط فقط. ( طفح الكيل في أطفيح).

طفح الكيل في أطفيح بعد هدم الكنيسة... فمَن هدم كنيسة الله وروَّع المواطنين قد هدم الوطن كله، مثلما لغَّم وفجَّر الوطن في كنيسة القديسين في الأسكندرية، إنها تَرِكة ثقيلة تركها النظام البائد وحرص على الإبقاء عليها من أجل الإلهاء والإفساد... فتلك الأحداث هي مُخلَّفات الماضي الذي رعرع التفرقة ووظَّفها لتكون أداته وحليفته تحت الطلب، لذلك لا قيام لمصر جديدة طالما أن العلاقة هَشّة وملتبسة بين المصريين، علاقة يسودها التربُّص والفُرقة وسوء النيّة، وطالما أن النفوس (شايلة)... كذلك لن تحقق ثورة التحرير مكاسبها مادامت الكرامة والحقوق مُنتهكة، ومادامت المآسي مستمرة والرغبة في الانتقام قائمة، ومادام هناك من يهدد ويروِّع ويُهدر ويستعلي على الآخر.
إن الثورة على المَحَكّ إذا تركت فُلُول النظام السابق وذهنيته التي تنفخ في نار الطائفية حتى تحوِّل حُلم الثورة إلى كوابيس لا قدَّر الله... وكأن الثورة لم تقُم بعد، وها هي الكراهية المضادة قد هدمت الكنيسة وقتلت الأبرياء، لذا جدير بالثورة أن تُنهي حالة الطائفية والتهجير القِسري والاستكبار الذي بلغ إلى الهدم التدريجي لكنيسة الشهيدين الواقعة على التخوم الجنوبية للقاهرة، والذي استمر لمدة يومين على التوالي، وكأن عقارب الساعة تعود إلى الوراء، وقد أخذت طيور الظلام القانون بيدها، تحت سمع وبصر الجميع حتى أنهم هدموا الكنيسة ورفضوا بناءها في موضعها وزرعوا لافتة على أطلالها، كُتب فيها (مسجد الرحمن) مُعتدين ومتعدِّين على الحُرُمات بينما الله لا يحب المعتدين.
إن وضع مصر في صدورنا مكان القلب، وهي فوق رؤوسنا جميعًا، فهل ضاقت مصر بنا بعد كل هذا التاريخ من التعايش؟! أعتقد أن مستقبلها يحتاج إلى (أزمنة مناعة) تتَّسم بالعدالة والكرامة والمساواة لجميع المصريين وليس للبعض، لا يُروَّع فيها مصلين ولا تُحرق أو تتفجر أو تنهدم فيها الكنائس حتى تبقى مصر أم الدنيا المحروسة، رمزًا للتعايش والتحضُّر أمام جميع الأمم، ونحن نفتخر كأقباط بأن إرهاصات الثورة قد تدشَّنت في بداياتها بدماء الأقباط العُزَّل الذين سُفكت دماؤهم في العمرانية برصاص الآلة الأمنية الجهنمية البائدة التي سقطت، قبل أن تختلط دماؤهم بالدماء المسفوكة في ميادين التحرير لتكون عُربون إيماننا وحريتنا، بعد أن عانينا من التطرف والتكدير والمناكدة والمظالم على اختلاف أنواعها وألوانها.


إننا كأقباط مصريين نتفاءل مع شعبنا بغدٍ أفضل لكل مصر، مترقبين بحذر التحولات الحادثة في بلادنا العزيزة... والترقب ليس كما يصفه البعض بالخوف أو الهلع، لأن المسيحي الحقيقي إرادة الله في حياته تسبق كل سلطة، فمن ذا الذي قال فكان والرب لم يأمر؟. والمسيحي الحقيقي قد تحرَّر لا يخاف حتى من الذين يقتلو ن الجسد، لكنه يخاف فقط من الذي يُهلك النفس والجسد كليهما في جهنم (متى 28:10) ولا خائفون يرثون ملكوت السموات... هذه هي حريتنا وشهادة حياتنا، إما أن نحيا أو أن نموت أحرارًا، حرية من كل هَمٍّ بشري ومن كل قلق مستقبلي ومن كل زَيْف باطل، فممن نخاف وممَّا نخاف مادامت الحياة لنا هي المسيح والموت هو ربح؟ فممن نخاف بعد كل هذه الأهوال التي مرت علينا والتي لن يأتي ما هو أسوأ منها بداية من حكم نيرون ودقلديانوس بلوغًا إلى النظام الساقط الذي أتقن إخراج الحوادث الطائفية والمخادَعة.


كلنا ثقة في وعد الله الصادق بأن مصر بلد مباركة، وأنها زاخرة بالعقلاء والمعتدلين، وثقتنا بأن الله سيُهلك الذين هدموا الكنيسة وسيقطع أياديهم، أما هي فستُحَلِّق للسماء حجارة حية وأعمدة إيمان وبيتًا للشهداء والمعترفين والقديسين، وليكن بناء كنيسة الشهيدين بأطفيح بناءًا يُبنى عليه واقعنا ومستقبلنا الحاضر، وسط حالة المصارحة والمصالحة التي لا تراجع فيها، بالمشاركة الواعية وبالانخراط في التيارات الوطنية المعتدلة على نحو متوازن حتى نضمن حريتنا كمواطنين بعيدًا عن الصِيَغ التسويفية المعهودة، لأن العدالة لا تأتي لنا من تلقاء ذاتها لأنها لا تملك ساقين لكن بواسطتنا نحن عبيد الله الذين نقوم ونبني، فنحن الذين نضعها على أكتافنا ونأتي بها...
والمجد للشهداء الذين سقطوا في المقطم برصاص الغدر والتخلُّف لمجرد مطالبتهم بإعادة بناء كنيسة الشهداء في نفس موضعها.
القمص أثناسيوس جورج
9 مارس 2011

0 التعليقات:

إرسال تعليق