بعد أن تجاوزنا الـ «100 يوم» علي تنحي مبارك.. بدأ الإخوان المسلمون
الانقلاب علي الثورة.. واختطافها لمصلحتهم واستخدامها لتحقيق أغراضهم..
فالإخوان ليس مهما لديهم أن تصل الثورة إلي غايتها الصحيحة وربما كان
الأفضل - وفقا لتحركاتهم - ألا يتحقق أبدا هدفها النبيل.
شواهد الانقلاب كثيرة.. وليس أقلها وصف جمعة الغضب الثانية بـ «جمعة الوقيعة».. وهي كلمة ترددت علي ألسنة عدد من قيادات الجماعة طوال الأيام الماضية.. وربما أراد الإخوان بهذا التعبير الوقيعة بين شباب الثورة والجيش، والإيحاء علي غير الحقيقة بأن هناك خلافا بين الشباب الثائر والمجلس العسكري. الجيش لم يعط الإخوان هذه الفرصة، وقال في بيان له: «حق التظاهر السلمي مكفول لأبناء هذا الشعب العظيم الذي أعاد
كتابة تاريخ مصر الحديثة من خلال ثورته السلمية التي أبهرت العالم أجمع.. وأن القوات المسلحة من الشعب وله، وحمايتها للثورة منذ انطلاقها كانت إيمانا منها بهذا المبدأ».
فالفارق بين الجيش والإخوان هو الإيمان بالشعب المصري.. الجيش يعمل لصالح أبناء هذا البلد جميعا، أما الإخوان فكل سعيهم لصالح الجماعة التي ينتمون إليها فقط حتي لو كان علي حساب مصلحة البلد.
حقيقة لا يجوز المقارنة بين الاثنين ولا المقارنة بين انحياز المشير طنطاوي والجيش لصالح الشعب عندما وجد أن الخيار بين رئيس فقد شرعيته وشعب يبحث عن حريته، وبين مرشد الإخوان الذي حاول اختطاف الثورة لصالح جماعته.. وقال إن شباب الإخوان هم الذين قاموا بالثورة، مقصيا بذلك باقي الشباب الثائر وغير معترف بدماء شهداء لا ينتمون إلي أفكاره.
وصف الإخوان لمظاهرات جمعة الغضب الثانية بجمعة الوقيعة.. كشف لنا الفارق بين هذه الجماعة الانتهازية وبين مؤسسة تحملت مسئوليتها منذ بداية الثورة.. وتحديدا في 28 يناير.
وقتها كانت جماعة الإخوان لم تزل متحفظة في النزول إلي المظاهرات بشكل علني ورسمي تاركة لأعضائها قرار المشاركة من عدمه، ولهذا كانت مشاركة شباب الإخوان بقرار شخصي منهم ولم يظهر قادتها إلا بعد نزول الجيش، وتأمينه للمظاهرات وإعلانه وقوفه بجانب مطالب الشعب المشروعة.
الجيش تحمل المسئولية واختار أن ينحاز إلي المواطنين، وتحمل الكثير في سبيل ذلك، بل إنه تقبل انتقادات وجهت إليه من بعض الشباب الثائر.. ولم يغضب قادته علما بأن هناك فارقاً بين انتقاد المجلس العسكري وقراراته السياسية والهجوم علي الجيش فالأخير غير مقبول علي الإطلاق في حين أن الإخوان ومرشدهم لم يتحملوا يوما خلافا معهم فوصفوا المختلفين معهم بألفاظ قاسية حتي إنهم قالوا عن الدعوة إلي مليونية جمعة الغضب الثانية بأنها ثورة ضد الشعب ووقيعة بين الشعب والجيش.
في حين قال الجيش إن عدم تواجدهم في ميدان التحرير بسبب منع الوقيعة بين الجيش والشعب ويعتمد علي شباب الثورة في تولي التأمين.
هنا الفارق بين الاثنين الجيش يثق في وطنية شباب الثورة، حتي إنهم ائتمنوهم علي تأمين ميدان التحرير، أما الإخوان ومرشدهم فيرونهم من أعداء البلد الذين يوقعون بين الجيش والشعب.
وأشير هنا إلي بيان الشبكة العربية لحقوق الإنسان الذي أدان تصريحات الإخوان المسلمين ووصفها بأنها تحريض ضد المواطنين، وقال جمال عيد مدير الشبكة أن للإخوان عديد من التصريحات المثيرة للكراهية مؤكدا أن الحزب الوطني مازال موجودا باسم الإخوان.
أعود للعلاقة بين الجيش والثوار، حقيقة للشباب ملاحظات، لكنها لا تصل إلي حد الخلاف مع الجيش، وللمجلس رؤيته التي تحكم تصرفاته والتي في النهاية تحقق مطالب الشعب وإن بدت متأخرة أحيانا، قلت من قبل في مقال سابق إنه من الطبيعي أن تسبق أحلام وآمال الشباب الثائر تحركات المجلس العسكري.. وأن الأخير تحكمه قواعد ويحتاج قبل اتخاذ قراراته إلي دراسة متأنية ومعرفة مدي قانونية ما سيقدم عليه.
وقلت أيضا أنه يحسب للمجلس أنه يتراجع عن بعض قراراته عندما يجد عدم قبول لها من الشباب وأنه يستجيب عندما يشعر أن قراره لا يحقق تطلعات الشعب.. ولكن الخطورة في الفارق بين حركة الشباب السريعة وخطوات المجلس العسكري المتأنية والتي يستغلها البعض محاولا الوقيعة.
وقد حاول الإخوان هذا الأسبوع القيام بهذا الدور متصورين أنهم بذلك يحققون مكاسب سياسية حتي لو جاءت علي حساب الثورة نفسها.. فالجميع يدرك أن الثورة لم تكمل طريقها حتي الآن ورغم أنها حققت مكاسب كبيرة إلا أن النتائج حتي الآن لم تصل إلي طموح الثوار وآمال الشعب المصري.
هذا الكلام ليس جديدا، وتردد علي ألسنة العديد من الكتاب والمفكرين، بل إن البعض يذهب إلي القول بأن الثورة لم تقم بعد، وأنه مادام النظام قائما بنفس آلياته فإن الثورة لم تحقق نتائجها.. وهناك اتفاق بين كل القوي السياسية ما عدا الإخوان والتيارات الإسلامية أن سقوط نظام مبارك يبدأ مع وضع دستور جديد ينهي كل القديم ويصنع واقعا سياسيا جديدا.
لكن هذا الاتفاق لا يرضي الإخوان لأنه يقلل فرصهم في الحصول علي أغلبية البرلمان لو أجريت الانتخابات في موعدها المحدد «سبتمبر المقبل».. وقبل وضع دستور جديد.. ومن هنا قرر الإخوان الانقلاب علي الثورة من أجل مصلحتهم.. ليس مهما أن تكمل خطواتها ولا أهدافها، وليس مهما أن ينتهي نظام مبارك، المهم أن يصل الإخوان إلي غرضهم.
تصرفات الإخوان في الفترة الأخيرة توحي كلها بالانقلاب علي الثورة ابتداء مما فعلوه خلال الاستفتاء علي التعديلات الدستورية التي استخدموا خلالها كل الأساليب التي تؤدي إلي انقسام الشعب المصري، ومرورا بالتصريحات التي توحي بهيمنة الجماعة علي الحياة السياسية المصرية الآن باعتبارها الكيان الأكثر تماسكا وتنظيما، وهو ما جعل خطاب الجماعة وقادتها يوصف بالاستعلاء، مثلا قال عصام العريان: بعض منتقدي الحركات الإسلامية ينفقون أموالا من الخارج، بل إن تصريحات رموزها تعني إقصاء باقي التيارات، ويكفي ما قاله صبحي صالح: الزواج من الإخوانية أفضل واستخدم التعبير القرآني «أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَي بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ»، حقيقة تراجع صالح عندما واجه هجوما حادا من تيارات مختلفة، وقال إنه كان يمزح ولكنه في الحقيقة كان يعبر عن موقف الجماعة من المرأة المصرية.
محاولات الإخوان المختلفة لاختطاف الثورة أو الانقلاب عليها تصب في خانة الانتهازية السياسية.. ورغم ما تعرض له قادة الجماعة من ظلم وسجن علي يد النظام السابق إلا أنهم كان لديهم الاستعداد دائما للتعاون معه وعمل صفقات مقابل مصالح ضيقة.. الآن تحاول الجماعة انتهاج نفس الأسلوب مع المجلس العسكري.. الإيهام بأنها القوي الأكثر قدرة علي التحكم في الشارع المصري، وأنها قادرة علي الوصول بالمظاهرات إلي المليونية من عدمه، وبالتالي فهي قادرة علي تقديم الخدمات للمجلس العسكري.. ولعل بعض تصرفات المجلس أوحت بوجود صفقة بينه وبين الإخوان وتيارات دينية أخري مثل اختيار صبحي صالح ضمن لجنة تعديل الدستور، وكذلك الاستعانة بصفوت حجازي ومحمد حسان لحل بعض المشكلات الطائفية.
الآن المجلس في محك واختبار فمطالب الشباب التي يرفضها الإخوان صحيحة، فعمل دستور قبل الانتخابات البرلمانية ينقذ البلد من مأزق دستوري، فحسب ما أعلنته المستشارة تهاني الجبالي في أول اجتماع للجنة الوفاق الوطني أن هناك حكما دستوريا صدر عام 1994 يكشف أن الدستور ينشيء سلطات الدولة الثلاث البرلمانية والتنفيذية والقضائية وتقرر القواعد التي تحكمها، وبالتالي فإنه من المفروض أن تعلو الهيئة التأسيسية التي تضع الدستور دوما علي جميع سلطات الدولة وتستقل عنها حتي تستطيع وضع القيود فيما يتعلق بممارستها، ومعني ذلك أنه لا يجب أن تكون الانتخابات البرلمانية قبل وضع الدستور أيضا، الانتخابات الآن تضعنا في مأزق أمني كبير فهل المؤسسة الأمنية الآن قادرة علي حماية اللجان الانتخابية وتستطيع فرض سيطرتها وسط هذه الأجواء الملتهبة سواء بالعصبيات والصراعات القبلية أو بمؤامرات بقايا النظام السابق؟.. أيضا مطالب الشباب الأخري يجب النظر إليها بعين الاعتبار فمطلوب بالفعل تسريع وتيرة محاكمات الفاسدين والعزل السياسي لرموز الحزب الوطني، وإعادة النظر في حركة المحافظين ورؤساء الجامعات والوزراء غير الفاعلين واستعادة الأمن في الشارع وتطهير كل مؤسسات الدولة من بقايا النظام السابق.
وأعتقد أن أمام المجلس العسكري فرصة هائلة لزيادة الالتحام بالشباب الثوري الذين دعوا لمظاهرة أمس الجمعة.. فالنوايا صادقة والفرصة قائمة لتأكيد أن المجلس بالفعل يعمل علي تحقيق أهداف الثورة.
روزاليوسف
شواهد الانقلاب كثيرة.. وليس أقلها وصف جمعة الغضب الثانية بـ «جمعة الوقيعة».. وهي كلمة ترددت علي ألسنة عدد من قيادات الجماعة طوال الأيام الماضية.. وربما أراد الإخوان بهذا التعبير الوقيعة بين شباب الثورة والجيش، والإيحاء علي غير الحقيقة بأن هناك خلافا بين الشباب الثائر والمجلس العسكري. الجيش لم يعط الإخوان هذه الفرصة، وقال في بيان له: «حق التظاهر السلمي مكفول لأبناء هذا الشعب العظيم الذي أعاد
كتابة تاريخ مصر الحديثة من خلال ثورته السلمية التي أبهرت العالم أجمع.. وأن القوات المسلحة من الشعب وله، وحمايتها للثورة منذ انطلاقها كانت إيمانا منها بهذا المبدأ».
فالفارق بين الجيش والإخوان هو الإيمان بالشعب المصري.. الجيش يعمل لصالح أبناء هذا البلد جميعا، أما الإخوان فكل سعيهم لصالح الجماعة التي ينتمون إليها فقط حتي لو كان علي حساب مصلحة البلد.
حقيقة لا يجوز المقارنة بين الاثنين ولا المقارنة بين انحياز المشير طنطاوي والجيش لصالح الشعب عندما وجد أن الخيار بين رئيس فقد شرعيته وشعب يبحث عن حريته، وبين مرشد الإخوان الذي حاول اختطاف الثورة لصالح جماعته.. وقال إن شباب الإخوان هم الذين قاموا بالثورة، مقصيا بذلك باقي الشباب الثائر وغير معترف بدماء شهداء لا ينتمون إلي أفكاره.
وصف الإخوان لمظاهرات جمعة الغضب الثانية بجمعة الوقيعة.. كشف لنا الفارق بين هذه الجماعة الانتهازية وبين مؤسسة تحملت مسئوليتها منذ بداية الثورة.. وتحديدا في 28 يناير.
وقتها كانت جماعة الإخوان لم تزل متحفظة في النزول إلي المظاهرات بشكل علني ورسمي تاركة لأعضائها قرار المشاركة من عدمه، ولهذا كانت مشاركة شباب الإخوان بقرار شخصي منهم ولم يظهر قادتها إلا بعد نزول الجيش، وتأمينه للمظاهرات وإعلانه وقوفه بجانب مطالب الشعب المشروعة.
الجيش تحمل المسئولية واختار أن ينحاز إلي المواطنين، وتحمل الكثير في سبيل ذلك، بل إنه تقبل انتقادات وجهت إليه من بعض الشباب الثائر.. ولم يغضب قادته علما بأن هناك فارقاً بين انتقاد المجلس العسكري وقراراته السياسية والهجوم علي الجيش فالأخير غير مقبول علي الإطلاق في حين أن الإخوان ومرشدهم لم يتحملوا يوما خلافا معهم فوصفوا المختلفين معهم بألفاظ قاسية حتي إنهم قالوا عن الدعوة إلي مليونية جمعة الغضب الثانية بأنها ثورة ضد الشعب ووقيعة بين الشعب والجيش.
في حين قال الجيش إن عدم تواجدهم في ميدان التحرير بسبب منع الوقيعة بين الجيش والشعب ويعتمد علي شباب الثورة في تولي التأمين.
هنا الفارق بين الاثنين الجيش يثق في وطنية شباب الثورة، حتي إنهم ائتمنوهم علي تأمين ميدان التحرير، أما الإخوان ومرشدهم فيرونهم من أعداء البلد الذين يوقعون بين الجيش والشعب.
وأشير هنا إلي بيان الشبكة العربية لحقوق الإنسان الذي أدان تصريحات الإخوان المسلمين ووصفها بأنها تحريض ضد المواطنين، وقال جمال عيد مدير الشبكة أن للإخوان عديد من التصريحات المثيرة للكراهية مؤكدا أن الحزب الوطني مازال موجودا باسم الإخوان.
أعود للعلاقة بين الجيش والثوار، حقيقة للشباب ملاحظات، لكنها لا تصل إلي حد الخلاف مع الجيش، وللمجلس رؤيته التي تحكم تصرفاته والتي في النهاية تحقق مطالب الشعب وإن بدت متأخرة أحيانا، قلت من قبل في مقال سابق إنه من الطبيعي أن تسبق أحلام وآمال الشباب الثائر تحركات المجلس العسكري.. وأن الأخير تحكمه قواعد ويحتاج قبل اتخاذ قراراته إلي دراسة متأنية ومعرفة مدي قانونية ما سيقدم عليه.
وقلت أيضا أنه يحسب للمجلس أنه يتراجع عن بعض قراراته عندما يجد عدم قبول لها من الشباب وأنه يستجيب عندما يشعر أن قراره لا يحقق تطلعات الشعب.. ولكن الخطورة في الفارق بين حركة الشباب السريعة وخطوات المجلس العسكري المتأنية والتي يستغلها البعض محاولا الوقيعة.
وقد حاول الإخوان هذا الأسبوع القيام بهذا الدور متصورين أنهم بذلك يحققون مكاسب سياسية حتي لو جاءت علي حساب الثورة نفسها.. فالجميع يدرك أن الثورة لم تكمل طريقها حتي الآن ورغم أنها حققت مكاسب كبيرة إلا أن النتائج حتي الآن لم تصل إلي طموح الثوار وآمال الشعب المصري.
هذا الكلام ليس جديدا، وتردد علي ألسنة العديد من الكتاب والمفكرين، بل إن البعض يذهب إلي القول بأن الثورة لم تقم بعد، وأنه مادام النظام قائما بنفس آلياته فإن الثورة لم تحقق نتائجها.. وهناك اتفاق بين كل القوي السياسية ما عدا الإخوان والتيارات الإسلامية أن سقوط نظام مبارك يبدأ مع وضع دستور جديد ينهي كل القديم ويصنع واقعا سياسيا جديدا.
لكن هذا الاتفاق لا يرضي الإخوان لأنه يقلل فرصهم في الحصول علي أغلبية البرلمان لو أجريت الانتخابات في موعدها المحدد «سبتمبر المقبل».. وقبل وضع دستور جديد.. ومن هنا قرر الإخوان الانقلاب علي الثورة من أجل مصلحتهم.. ليس مهما أن تكمل خطواتها ولا أهدافها، وليس مهما أن ينتهي نظام مبارك، المهم أن يصل الإخوان إلي غرضهم.
تصرفات الإخوان في الفترة الأخيرة توحي كلها بالانقلاب علي الثورة ابتداء مما فعلوه خلال الاستفتاء علي التعديلات الدستورية التي استخدموا خلالها كل الأساليب التي تؤدي إلي انقسام الشعب المصري، ومرورا بالتصريحات التي توحي بهيمنة الجماعة علي الحياة السياسية المصرية الآن باعتبارها الكيان الأكثر تماسكا وتنظيما، وهو ما جعل خطاب الجماعة وقادتها يوصف بالاستعلاء، مثلا قال عصام العريان: بعض منتقدي الحركات الإسلامية ينفقون أموالا من الخارج، بل إن تصريحات رموزها تعني إقصاء باقي التيارات، ويكفي ما قاله صبحي صالح: الزواج من الإخوانية أفضل واستخدم التعبير القرآني «أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَي بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ»، حقيقة تراجع صالح عندما واجه هجوما حادا من تيارات مختلفة، وقال إنه كان يمزح ولكنه في الحقيقة كان يعبر عن موقف الجماعة من المرأة المصرية.
محاولات الإخوان المختلفة لاختطاف الثورة أو الانقلاب عليها تصب في خانة الانتهازية السياسية.. ورغم ما تعرض له قادة الجماعة من ظلم وسجن علي يد النظام السابق إلا أنهم كان لديهم الاستعداد دائما للتعاون معه وعمل صفقات مقابل مصالح ضيقة.. الآن تحاول الجماعة انتهاج نفس الأسلوب مع المجلس العسكري.. الإيهام بأنها القوي الأكثر قدرة علي التحكم في الشارع المصري، وأنها قادرة علي الوصول بالمظاهرات إلي المليونية من عدمه، وبالتالي فهي قادرة علي تقديم الخدمات للمجلس العسكري.. ولعل بعض تصرفات المجلس أوحت بوجود صفقة بينه وبين الإخوان وتيارات دينية أخري مثل اختيار صبحي صالح ضمن لجنة تعديل الدستور، وكذلك الاستعانة بصفوت حجازي ومحمد حسان لحل بعض المشكلات الطائفية.
الآن المجلس في محك واختبار فمطالب الشباب التي يرفضها الإخوان صحيحة، فعمل دستور قبل الانتخابات البرلمانية ينقذ البلد من مأزق دستوري، فحسب ما أعلنته المستشارة تهاني الجبالي في أول اجتماع للجنة الوفاق الوطني أن هناك حكما دستوريا صدر عام 1994 يكشف أن الدستور ينشيء سلطات الدولة الثلاث البرلمانية والتنفيذية والقضائية وتقرر القواعد التي تحكمها، وبالتالي فإنه من المفروض أن تعلو الهيئة التأسيسية التي تضع الدستور دوما علي جميع سلطات الدولة وتستقل عنها حتي تستطيع وضع القيود فيما يتعلق بممارستها، ومعني ذلك أنه لا يجب أن تكون الانتخابات البرلمانية قبل وضع الدستور أيضا، الانتخابات الآن تضعنا في مأزق أمني كبير فهل المؤسسة الأمنية الآن قادرة علي حماية اللجان الانتخابية وتستطيع فرض سيطرتها وسط هذه الأجواء الملتهبة سواء بالعصبيات والصراعات القبلية أو بمؤامرات بقايا النظام السابق؟.. أيضا مطالب الشباب الأخري يجب النظر إليها بعين الاعتبار فمطلوب بالفعل تسريع وتيرة محاكمات الفاسدين والعزل السياسي لرموز الحزب الوطني، وإعادة النظر في حركة المحافظين ورؤساء الجامعات والوزراء غير الفاعلين واستعادة الأمن في الشارع وتطهير كل مؤسسات الدولة من بقايا النظام السابق.
وأعتقد أن أمام المجلس العسكري فرصة هائلة لزيادة الالتحام بالشباب الثوري الذين دعوا لمظاهرة أمس الجمعة.. فالنوايا صادقة والفرصة قائمة لتأكيد أن المجلس بالفعل يعمل علي تحقيق أهداف الثورة.
روزاليوسف
0 التعليقات:
إرسال تعليق