بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث
هكذا قال السيد الرب لتلاميذه القديسين ها أنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر.وفعلا كان معهم بعد القيامة أربعين يوما يظهر لهم,ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت اللهأع1:3عزاهم وأفرحهم كما سبق أن قال لهملكني سأراكم أيضا فتفرح قلوبكم ولاينزع أحد فرحكم منكميو16:33وهكذافرح التلاميذ إذ رأوا الربيو20:20وكان فرحا عظيما عزاهم عن يوم الصلب.
ظهر لهم وأزال ما كان عندهم من شكوك.
ليس فقط شك توما الذي قال:إن لم أبصر في يديه أثر المسامير,وأضع أصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمنيو20:25.
فتنازل الرب إلي ضعف هذا الرسول وظهر له وحقق له رغبته وأزال منه ذلك الشك وقال لههات أصبعك إلي هنا وأبصر يدي..وهات يدك وضعها في جنبي ولاتكن غير مؤمن بل مؤمنا فأجاب توما وقال له: ربي وإلهي يو20: 27, 28.
وكما أزال شك توما أزال أيضا شكوك باقي التلاميذ الذين لما ظهر لهم ظنوه روحا.. وهذا الظن معناه أن الجسد لم يقم!! فقال لهم: ما بالكم مضطربين؟ ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم؟! انظروا يدي ورجلي إني أنا هو.. جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون ليلو24:37-39وأكل أمامهم لكي يثبت لهم قيامته بالجسدلو24:43.
وأيضا أزال شك مريم المجدلية التي قالت ثلاث مراتأخذوا سيدي,ولست أدري أين وضعوه يو20:15,13,2 فإذ ظهر لها, وقال لها مريم قالت له: ربوني الذي تفسيره يا معلميو20:16.
كان لابد أن يؤكد قيامته لتلاميذه حتي يمكنهم أن يبشروا بتلك القيامة في إيمان وثقة..
لم يظهر فقط لتلاميذه وإنما أيضا أرسلهم ومنحهم الكهنوت.
دخل عليهم العلية والأبواب مغلقة وقال لهمسلام لكم..كما أرسلني الآب, أرسلكم أنا لما قال هذا نفخ في وجوههم وقال لهم:اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه غفرت له ومن أمسكتم خطاياه أمسكتيو20:19-23وكان هذا تأكيدا لما قاله لهم من قبلكل ما تربطونه علي الأرض يكون مربوطا في السماء وكل ما تحلونه علي الأرض يكون محلولا في السماءمت18:18.
وفي مكوثه معهم زودهم بكل تعلم لازم,وفتح أذهانهم ليفهموا الكتب.
قال لهم إنه كان لابد أن يتم جميع ماهو مكتوب عني في ناموس موسي والأنبياء والمزاميرحينئذ فتح ذهنهم ليفهموا مافي الكتب.وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث...لو24:44-46وأيضا قيل في ظهوره لتلميذي عمواس إنهابتدأ موسي ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتبلو24:27.
كذلك قيل عن الرب إنه في الأربعين يوما التي قضاها مع تلاميذه بعد القيامة إنه كان يتكلم معهم عن الأمور المختصة بملكوت الله أع1:3في هذه الفترة سلمهم جميع العقائد والطقوس والرموز..
كان الرب مع تلاميذه طول الأيام مت28:20وليس في فترة الأربعين يوما فقط وأضاف إليهم رسولا آخر هو القديس بولس.
ظهر له في طريق دمشق وعاتبه علي اضطهاد للكنيسة ودعاه لكي يكون رسولا للأمم.. جعله إناء مختارا يحمل اسمه أمام أمم وملوك.. وأراه كم ينبغي أن يتألم لأجل اسمه وسلمه إلي حنانيا الذي عمده ومنحه الروح القدسأع9:3-18وصار بولس طاقة كبيرة انضمت إلي الكنيسة.
ومنح الرب تلاميذه القوة علي صنع المعجزات
وظهر هذا واضحا في شفاء الرجل الأعرج الذي كان يطلب صدقة عند باب الجميل فقال له بطرس الرسول ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك:باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش...فوثب ووقف وتشددت رجلاه وصار يمشيأع3:2-8ويقول سفر أعمال الرسلوجرت علي أيدي الرسل آيات وعجائب كثيرة في الشعبأع5:12حتي أنهم كانوا يحملون المرضي خارجا في الشوارع ويضعونهم علي فرش وأسرة حتي إذا جاء بطرس يخيم ولو ظله علي أحد منهم...وكانوا يبرأون جميعهمأع5:16,15.
وقيل أيضا وكان الله يصنع علي يدي بولس قوات غير معتادة.. حتي كان يؤتي عن جسده بمناديل أو مآزر إلي المرضي فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة منهمأع19:12,11.
وكان الرب قد حقق وعده لهم وأرسل لهم الروح القدس.
حدث ذلك في اليوم الخمسين حيث حل الروح القدس عليهم كألسنة من نار فالتهبوا للخدمة ونالوا موهبة التكلم بألسنة مما ساعدهم علي الكرازة والتبشير بين الأمم وظل الروح القدس يعمل فيهم وبهم.
وكان الرب يرشدهم أين يخدمون وكيف يخدمون
قال لهملكنكم ستنالون قوة متي حل الروح القدس عليكم وحينئذ تكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلي أقصي الأرضأع1:8وقال لهم نفس المعنيأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلهامر16:15أما عن عملهم في الكرازة فقال لهماذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم بهمت8:20,19.
وقد نفذ الآباء الرسل هذه الوصايا وقيل عنهم في الإنجيل لمعلمنا مارمرقسوأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعةمر16:20...حقا كما قال لهمها أنا معكم كل الأياممت28:20هذا عنهم كمجموعة...
ولنتناول واحدا من هؤلاء الرسل هو القديس بولس الرسول:
حينما كان كورنثوسقال الرب لبولس في رؤيا بالليل:لاتخف بل تكلم ولاتسكت لأني أنا معك ولايقع بك أحد ليؤذيك لأن لي شعبا كثيرا في هذه المدينة فأقام سنة وستة أشهر يعلم بينهم بكلمة اللهأع18:9-11وحدث حينما كان القديس بولس في أورشليم أن قال له الرباذهب فإني سأرسلك بعيدا إلي الأممأع22:21,17وفي مرة أخريوقف به الرب وقال :ثق يا بولس أنك كما شهدت بما لي في أورشليم هكذا ينبغي أن تشهد في رومية أيضاأع23:11.
كان الرب يعمل معهم يوجههم إلي أماكن الخدمة وأيضا كان يقويهم ويعمل فيهم بنعمته.
وفي هذا يقول القديس بولس الرسولوآخر الكل كأنه للسقط ظهر لي أنا لأني أصغر الرسل...ولكن بنعمة الله أنا ما أنا ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة.. بل أنا تعبت أكثر من جميعهم ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي1كو15:8-10وقال أيضا أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوينيفي4:13بل أكثر من هذا قالأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيغل2:20.
إذن السيد الرب لم يكن فقط معهم,بل كان بالأكثر فيهم:
كما سبق أن قال للآب عنهمعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون فيهميو17:26وليس هذا للآباء الرسل وحدهم بل للجميع وفي هذا يقول القديس بولس الرسول..ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكمأف3:17.
والسيد المسيح يكون مع المؤمنين حيثما اجتمعوا باسمه:
وقد وعد بهذا قائلاحيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهممت18:20إذن هو موجود معهم في كل أوقات الصلاة الجامعة وفي صلوات الأسرار الكنسية وفي سر الإفخارستيا في صلاة القداس الإلهي حيث نقول فيههوذا كائن معنا علي هذه المائدة عمانوئيل إلهنا.
وقد نفذ الرب وعده ها أنا معكم في الرسائل التي أرسلها إلي رعاة الكنائس السبع التي في آسيا يفتقدهم ويوجههم ويحذرهم.
حيث يقول لأحدهم عندي عليك أنك تركت محبتك الأولي فاذكر من أين سقطت وتبرؤ5,4,2ويقول لآخر لاتخف البتة مما أنت عتيد أن تتألم به..كن أمينا إلي الموت فسأعطيك إكليل الحياةرؤ2:10ويقول لثالث عندي عليك قليل أن عندك قوما متمسكين بتعليم بلعام..هكذا عندك أنت أيضا قوم متمسكون بتعليم النيقولاويين الذي أبغضهرؤ15,14,12ويوبخ أحدهم بقولهأنا عارف أعمالك أن لك أسما إنك حي وأنت ميت...تب من له أذن فليسمع ما يقاله الروح للكنائسرؤ3:1-6
والرب مع المؤمنين أيضا في وقت الموت وما بعد الموت.
كان مع القديس أسطفانوس في وقت استشهاده وظهر في رؤيا فقالها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائما عن يمين اللهوإذ رجموه قالأيها الرب يسوع أقبل روحيأع7:59,56.
وكان مع اللص اليمين ووعده قائلااليوم تكون معي في الفردوسلو23:43وكثيرا ما ظهر لقديسين في وقت وفاتهم وهو قد وعد رسله القديسين قائلاوإن مضيت وأعددت لكم مكانا آتي أيضا وآخذكم إلي.. حتي حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضايو14:3وسيكون معنا أيضا بعد القيامة في أورشليم السمائية مسكن الله مع الناسرؤ21:3,2
وعبارة ها أنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر لاتعني فقط الآباء الرسل وإنما كل البشرية وكل الأيام.
كما ظهر لكثير من القديسين من بينهم القديس الأنبا بيشوي الذي غسل قدمي مخلصنا الصالح والقديس الأنبا بولا الطموهي الذي قال له الربكفاك تعبا يا حبيبي بولا.
كما ظهر أيضا للقديس البابا بطرس خاتم الشهداء وحذره من آريوس الهرطوقي, فنقل البابا بطرس هذه الرؤيا لتلميذيه آرشدوس وألكسندروس اللذين خلفاه علي عرش مارمرقس.
وتاريخ الكنيسة حافل بأمثال هذه الرؤي التي تثبت نفس المعني أن الرب معنا كل الأيام وإلي انقضاء الدهر.
المهم أننا نحس بوجوده ونكون نحن أيضا معه.
لقد ظهر لتلميذي عمواس ولكنهما لم يدركا وجوده معهما في باديء الأمر ولكن انفتحت أعينهما أخيرا فعرفاه قبل اختفائه عنهمافقال بعضهما لبعض:ألم يكن قلبا ملتهبا فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتبلو24:23,31.
كذلك ظهر لمريم المجدلية ولم تعرفه في باديء الأمر وظنته البستاني ثم عرفته أخيرا لما ناداها باسمهايو20:14-16.
أيضا قد يكون الرب معنا ونحن لسنا في شركة معه وعن ذلك قال القديس أوغسطينوس في اعترافاته:
كنت يارب معي ولكنني -لفرط شقوتي-لم أكن معك.
ليتنا إذن نكون معه كل الأيام وإلي انقضاء الدهر كما هو معنا ولنضع أمامنا نصيحة القديس بولس الرسول إن سمعتم صوته فلا تقسو قلوبكم عب3: 15 عب3: 7, 8.
0 التعليقات:
إرسال تعليق