أجرى المهندس نجيب ساويرس حوارين.. الأول مع الفريق أحمد شفيق.. وكان الحوار الأخير، حيث أقيل فى صباح اليوم التالى.. والثانى مع الدكتور عصام شرف، ولا أعرف إن كان سيكون آخر حوار له، أم لا؟.. وإن كان سيلتزم الصمت بعده، أم لا؟.. وإن كان سيفتح عليه أبواب الجحيم، أم لا؟.. ولا أدرى إن كان «شرف» قد وقع فى مصيدة «ساويرس» أم لا؟!
من الجائز أن يكون الدكتور شرف، حين تحدث عن «مبدأ الدستور أولاً» يعرف فى قرارة نفسه، أنه جاء من ميدان التحرير، وبالتالى كان عليه أن يكون ترمومتر الثورة والميدان.. دون أن يكون هدفه إحراج المجلس العسكرى، بصورة من الصور.. وهو فى هذا يختلف عن سلفه الفريق أحمد شفيق، الذى جاء إلى السلطة، بتكليف من الرئيس السابق حسنى مبارك!
الفارق كبير بين «شفيق» و«شرف».. فالأول كان لا يعترف بالميدان، وكان يرى أن يبقى الثوار ما شاء لهم البقاء فى الميدان، وقال إنه سيرسل لهم البونبون، فى سخرية عالية.. أما الثانى فيعرف فضل الميدان عليه، حين حمله على الأعناق.. ومن الجائز أنه كان يهيئ للمجلس العسكرى سبيلاً، لاتخاذ قرار يحفظ ماء وجهه، فى حكاية الدستور والانتخابات البرلمانية!
ليس عندى معلومات مؤكدة، فيما إذا كان الدكتور شرف هو الذى اختار توقيت الحوار، أم المهندس نجيب ساويرس.. لكن عندى إحساس بأن «ساويرس» كان قد ذهب إليه، وفى جعبته سؤال محدد، يقال عنه بيت القصيد.. من ضمن مئات الأسئلة وآلاف الطلبات.. وكان يتسلل إلى غايته سؤالاً سؤالاً.. حتى جاء إلى قضية الدستور.. فقال «شرف» مثلنا: الدستور أولاً!
هنا أحس المحاور بأنه ظفر ببغيته.. ولم يشعر رئيس الوزراء بأنه وقع فى المصيدة.. أقول ربما لم يشعر بذلك، إلا عندما أفردت «الأهرام» الخبر فى صدر صفحتها أمس.. وكان المانشيت «اتجاه لإقرار مبدأ الدستور أولاً».. قرأت التفاصيل، ولم تكن هناك إجابة واضحة، لكنها كانت تتأرجح.. وإن كانت تميل إلى فكرة تأجيل الانتخابات، لإتاحة الفرصة أمام الأحزاب الجديدة!
صحيح أن الدكتور شرف لم يقل بهذا الرأى لأول مرة.. لكنها ربما تكون المرة الأولى، التى ينشر فيها رأيه كمانشيت فى «الأهرام».. وفهمنا منه معانى كثيرة، كأنه اتجاه رسمى، ليس فقط كرأى شخصى لرئيس الوزراء، وإنما كرأى جديد داخل المجلس العسكرى.. وإن كان اللواء محمد العصار قد نفى ما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».. وقال إنه خارج السياق!
وبالنفى الذى أبداه «العصار» تزداد حيرة المراقبين، لأكثر من سبب.. الأول: أنه لا يوجد رأى واحد، داخل دائرة الحكم.. الثانى: أن رأى رئيس الوزراء لا يعكس حالة من التنسيق، بين مجلس الوزراء، والمجلس العسكرى.. الثالث: أن المسألة تبقى مجرد رأى شخصى، من جانب «شرف»، كما أنها رأى شخصى من جانب «العصار».. فلا الأول يصمد أمام تيار الإخوان، ولا الثانى ينتصر لرأيه!
أغلب الظن أننا نعيش فتنة «الدستور أم الانتخابات؟».. والله أعلم إن كان هذا هو آخر حوارات الدكتور شرف، أم لا؟.. وهل سيتوقف عن التصريحات أم لا؟.. وهل أوقع به «ساويرس» أم لا؟.. وهل يلحق بسلفه الفريق شفيق أم لا؟.. لكن المؤكد أنه سيواجه هجوماً كاسحاً من الجماعة، بعد حوار «ساويرس».. وقد قلت من قبل إن الدكتور شرف بدأ يحلق لحيته!
المصري اليوم
0 التعليقات:
إرسال تعليق