هي سيدة من طراز خاص اختارت أن تقول لا في زمن التغني بنعم, رفضت أن تكون شاهد أخرس علي التزوير رغم ما كان يمكن أن يكلفها ذلك من ضياع طموحات ومناصب تستحقها عن جدارة.
وكيف لا وهي التي درست الآداب في السربون وأول من حصلت علي الدكتوراه في القانون الدستوري.
شاركت شباب التحرير في ثورتهم وعملت علي التواصل معهم بشكل كامل, ورغم أن البعض يحسبها علي تيار الإخوان المسلمين فإنها تختلف معهم في كثير من المواقف آخرها التعديلات الدستورية والتي وقفت فيها إلي جانب كلمة لا, ورغم قيام مجموعة من الشباب بترشيحها عبر الفيس بوك لمنصب رئيس الجمهورية فإنها ومع ثقتها في قدرة المرأة علي القيام بذلك ولكنها تري أن المجتمع لابد أن يتخلص من كل مظاهر القهر والظلم قبل أن تخطو المرأة مثل هذه الخطوة.
إنها المستشارة نهي الزيني نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية والتي طرحنا معها عددا من القضايا الهامة سواء بالنسبة للدستور أو المرأة.
سألناها في البداية عن تأكيد المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن الإعلان الدستوري سيكون بمثابة شهادة وفاة لدستور71 وفي حين انك ذكرت إن الموافقة علي التعديلات الدستورية تعيد الحياة لهذا الدستور فما هي أسانيدك علي ذلك؟
هناك نوع من التناقض الدستوري الشديد لأن بعض التشريعات المكملة للدستور عدلت علي أساس مواد دستور71 اذن هو قائم, وعلي سبيل المثال نحن مقبلون علي انتخابات لمجلسي شعب وشوري وهذا الأخير مستند في وجوده بالأساس علي الدستور, وحتي يكون هناك مجلس شوري فلابد من وجود هذا الدستور في الخلفية.
ولكن كما ذكرت لجنة التعديلات أن الاستفتاء تم رغبة من المجلس العسكري في إضفاء الشرعية الثورية علي مواد الإعلان الدستوري الذي سيعلن قريبا وسيضم المواد المعدلة دون الأرقام التي كانت مدرجة بها في دستور71 بالإضافة لمواد أخري كفترة انتقالية وهو أمر ليس بجديد في مصر وسبق وأن حدث بعد ثورة25 حيث أسقط الدستور آنذاك أيضا فما هو تعليقك؟
المجلس العسكري لابد أن يعلن صراحة سقوط دستور71 وهذا لم يحدث بشكل واضح حتي الآن فالثورة عندما قامت كان لها مطالب لابد أن تتحقق علي الأرض فالشعب أراد إسقاط النظام وأهم خطوة لذلك إسقاط الدستور.
البعض رأي أن التصويت بنعم في الاستفتاء منح بعضا من الشرعية لهذا الدستور؟
أغلب الذين صوتوا بنعم كانوا تحت تأثير فوبيا أن نعم سوف تحافظ علي وجود المادة الثانية في الدستور وكانوا يعتقدون أنهم يصوتون للإسلام وقيل لهم إن المادة الثانية هي خط أحمر وسموها مادة الهوية وعلي الجانب الآخر كان هناك شحنا من جانب البعض من أجل لا ولكن في جانب نعم كان الشحن أكبر.
يري البعض أن خريطة القوي السياسية التي تتحكم في الشارع لم تتغير بعد الثورة عما قبلها فما هو تعليقك؟
أنا أتفق مع هذا ولكن هناك الآن دفعة أكبر للتيارات الإسلامية, والتي لا أعارض وجودها ولا أخشي منها بشرط عدم تلاعبها بالدين من أجل السياسة.
سبق وقلت قبل الثورة إن الاخوان ديكور كان يمنح الشرعية للنظام فما هي رؤيتك له الآن؟
النظام كان يمنح هامش محدود للتيار الإسلامي لسببين أولهما أن وجوده كان يمنح النظام المصداقية وثانيا كان يستغله لعمل فزاعة للشارع وللغرب, ولكن مشاركة الاخوان كانت ديكورية لأن النظام كان يمنع الرموز القوية من المشاركة عن طريق اعتقالهم, ولكن الآن لديهم فرصة حقيقية للمشاركة الفعلية وأنا أري أنهم وحزب الوفد يمكن أن يكون لهما دور سياسي لأنهما يملكان كوادر سياسية وهما الأكثر تنظيما ويوجدون منذ الثمانينيات في الحياة السياسية ناهيك عن تاريخهما, وبالطبع هذا يجعل لهما تجربة سياسية حقيقية بخلاف الأحزاب الهشة الأخري.
وماذا عن الحزب الوطني وحزب التجمع الذي له تجربة سياسية طويلة أيضا؟
الحزب الوطني ليس حزبا قائما علي فكر أو أيديولوجية واضحة وإنما كان يتكون من مجموعة أصحاب المصالح أما بالنسبة لحزب التجمع فأنا أري أنه حزب منقسم علي نفسه وأنه إنتهي منذ زمن ولكن به بعض الكوادر الفردية القوية مثل أبو العز الحريري وهو حزب لوحده.
وماذا عن التيار السلفي والذي ظهر فجأة في الحياة السياسية وهي سيكون له دور في الحياة السياسية؟
التيار السلفي هو أكثر التيارات انتشارا الآن في الشارع وهو موجود بقوة حتي في الجامعات بما فيها الجامعة الأمريكية, وكان موجودا بكثافة في ميدان التحرير ولكن أحب أو أؤكد أن التيار السلفي ليس لونا واحدا وإنما لديه درجات من أقصي اليمين إلي اليسار وليس لهم تجربة سياسية ولن يكون وإعلانهم عن تدخلهم في السياسة لحماية المادة الثانية التي ينظرون إليها باعتبارها عنوانا للهوية, والذي حدث أن الاخوان استغلوا الحشد الذي قام به التيار السلفي لتأييد الناس لصالح نعم من اجل مصلحتهم الشخصية دون النظر للعواقب التي سيتعرض لها الشارع المصري من خلال تقسيمه إلي مسلمين ومسيحيين بعد أن كنا وصلنا إلي ما يشبه المدينة الفاضلة في ميدان التحرير من حيث شكل العلاقة بين كل التيارات وبين المسلمين والمسيحيين.
وانقسام الشارع خطيئة كبيرة تحسب علي التيارات السلفية وعلي الاخوان بسبب تشجيع بعضهم علي هذا الحشد كما أن نبرتهم كانت نبرة استعلائية وتبريرية وكان لابد لهم من الخروج للتأكيد علي أن نعم ليس لديها علاقة بالدين أو بالمادة الثانية.
وما هو موقفك من المادة الثانية؟
المادة الثانية صارت كاللغم والاقتراب منها غير مأمون وبالنسبة لي فأنا لدي قناعة أن هناك شيئين فقط لا يجوز الاقتراب منهما وهما كتاب الله وسنة الرسول ولا ينبغي إضافة القدسية علي أي شيء بخلاف ذلك وكل شيء بشري مطروح للنقاش والمادة الثانية ليست منزلة من الله وليس من سنة رسوله ولكنها من سنة السادات رحمه الله.
ولكن تلك المادة كانت موجودة منذ الدستور الأول لمصر أي منذ عام1923 ؟
ـ لم تكن موجودة بهذا الشكل وإنما كان هناك نص يقول إن مصر دولة إسلامية واللغة العربية هي لغتها الرسمية وهذا النص التوافقي كان محل إجماع أعضاء اللجنة التي وضعت الدستور من كبار الفقهاء ومن كل التيارات بمن فيهم البابا يوأنس نائب البطريرك وأيضا يوسف قطاوي باشا رئيس الجالية اليهودية في مصر واستمر النص كذلك حتي في دستور71 ثم أضيفت المادة الثانية عام1980 بمعرفة السادات وكانت تنص علي أن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع, ولكنني أحب هنا أن أعلق علي أمر هام أن بعض قيم المجتمع تعلو علي الدستور وتكون أشد الزاما رغم أنه لم ينص عليها في مواده.
البعض يري أن الخيارات المتاحة لمصر في حال وصول التيارات الإسلامية للحكم هو أن تكون مصر دولة علي النموذج الإيراني أو التركي فأي من النموذجين هو الأقرب لمصر؟
لقد استمعت لمثل هذه الآراء والتي تتردد بشكل واسع في الأوساط الغربية, بالنسبة للنموذج الإيراني هو مستبعد تماما في حال وصول تيار إسلامي للحكم في مصر لأن النظام في إيران قائم علي ولاية الفقيه النابعة من الفكر الشيعي ومن المعروف أن السنة يمثلون أكثر من90% من المسلمين ولا يوجد لديهم فكرة ولاية الفقية فالنموذج الإيراني يقترب من النموذج المطبق في الفاتيكان وليس مطروحا للمناقشة أو التطبيق في مصر, وإذن يبقي النموذج التركي وياليته يطبق في مصر.
رغم أنه ينص علي علمانية الدولة؟
العلمانية في الأصل فكرة إسلامية والعراب الأول لها والذي نقلها للغرب هو القديس توما الأكويني الذي كان يدرس في جامعة قرطبة في العصور الوسطي وبهره النموذج الإسلامي في الحكم باسم الإله مثل اوروبا التي كان الملك يحكم باسم الله ولا أحد يستطيع أن يعينه أو يعزله الا رجال الدين, ورأي توما الاكويني أن حكم العالم( أصل كلمة العلمانية) هو أن للشعب أن يختار حاكمه ويمكن له أن يعزله, وعندما عاد توما الاكويني الي اوروبا بهذه الافكار كفروه باعتبار أن الحاكم لا يخطئ ولا يحاسب.
ولكن العلمانية لدي الرجل العادي ترتبط بمعاني تتعارض مع ذلك وتتفق أكثر مع فكرة التحرر من كل المعتقدات الدينية؟
ـ هم معذورون لأن من تحدث عن العلمانية في بلادنا تعلموا في اوروبا ووجدوا أن العلمانية تعني فصل الدين عن الدولة بما يعني أن رجال الدين لم يعد لهم سلطتهم المقدسة وعندما حاولوا نقلها لبلادنا نقلوها بشكل خاطئ فنحن لا يوجد لدينا رجال دين لديهم كهنوت أو قدسية فكان تفسير العلمانية في تصورهم هو فصل الدين عن الدولة وهو الأمر الذي يرفضه عامة الناس أن الدين يدخل كل شيء في الحياة.
وعندما نتحدث عن النموذج التركي ونعتبره نموذجا ناجحا لأن الأحزاب هناك تعمل وفقا للنظم الديمقراطية ويمكن أن يكون لها مرجعية إسلامية أو ماركسية أو خلافه ويتم طرحها للشارع بكل وضوح وتحديد برامجها وأفكارها, كما أنه يمكن أن تكون هناك عدة أحزاب بمرجعيات إسلامية ورغم ذلك تختلف أفكارها فعلي سبيل المثال حزب الوسط لديه مرجعية إسلامية ولكنها تختلف عن الأفكار التي يمكن أن تكون لحزب الاخوان.
ولكن هذا يهدد بانقسام كبير في الشارع المصري؟
في كل دول العالم الأحزاب لها أفكار سياسية ولها أيديولوجية ومرجعية فلسفية أو دينية وطبيعي أن يتوزع انتماء الشارع علي تلك الأحزاب وهذا يكون علي أساس سياسي وحزبي وليس ديني مثلما يحدث في ألمانيا أو بريطانيا فمثلا الحزب الحاكم في ألمانيا يستقي بعض من قيمه من البروتستانتية المسيحية ورغم ذلك يمكن أن نجد بعض أعضائه من المسلمين والملحدين.
برأيك ما هو الوقت اللازم لإتمام الدستور وهل لديك اعتقاد أنه سيلبي متطلبات الشارع المصري؟
ـ اعتقد أنه سيحتاج لحوالي عام ونصف وبالطبع كنت أتمني أن يتم عمل دستور جديد قبل الانتخابات ولكن وفق الوضع الحالي فإن مجلس الشعب المنتخب هو الذي سيختار أعضاء اللجنة التي ستضع الدستور وهو ما قد يجعله لا يكون معبرا عن كل طموحات الشعب بشكل كامل وقد لايكون له استمرارية دساتير الديمقراطيات الكبري التي لا تتغير علي مدي مئات السنيين.
كان لك أراء وتحفظات كثيرة علي بعض الشخصيات ومنها البرادعي والذي أعلنت عدم تأييدك لترشيحه فما هو السبب في ذلك؟ ومن يمكن أن تمنحيه صوتك بين المطروحين حاليا علي الساحة؟
أنا لا أؤيد البرادعي مع احترامي لشخصيته فهو لا يجيد التعامل مع الشارع وليست لديه الكاريزما, وبالنسبة لي فلو خيرت بين المطروحين علي الساحة سأختار عمرو موسي, فعمروموسي كان وزير خارجية مميزا ولديه رصيد من المحبة والثقة في الشارع ولا يمكن أن نحسبه علي النظام السابق, حقيقة هو عمل معه ولكنه كانت له مواقف مختلفة, واختياري لعمرو موسي أو أي من المطروحين حاليا علي الساحة سيكون محددا بشرط أساسي وهو أن يكون نظام الحكم برلماني وليس رئاسي فيكون الرئيس مجرد رمز لأنه ممكن أن يتحول وفقا للنظام الرئاسي الحالي إلي فرعون جديد.
هناك دعاوي علي الفيس بوك تطالبك بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية ولكنها قوبلت بكثير من النقد بسبب كونك امرأة فكيف تنظرين لهذا الأمر؟
ـ لا يوجد قبول مجتمعي لفكرة أن تتولي المرأة منصب رئيس الجمهورية, بل أن منصب القاضية لم يتقبله الكثير حتي الآن, وحتي تستطيع المرأة أن ترشح نفسها فلابد أن يتغير المجتمع أولا والمسألة بالنسبة لي ليست تحدي المجتمع وإنما لا توجد لدي رغبة في ذلك ولا احتاج إلي منصب لكي ازداد ثقة في نفسي فأنا أثق في قدراتي وفي قدرات المرأة المصرية بشكل عام, ولكنني أري أن فكرة أن تتحدي المرأة المجتمع تضر بالمرأة وبالمجتمع ككل فإذا انزاحت هذه السطوة والظلم فلن يكون الرجل بحاجة أن يقهر المرأة.
كان لك موقف في الفتنة الطائفية حيث قمت بزيارة لنجع حمادي العام الماضي وكان لك موقف من الأحداث الأخيرة فما هورأيك في محاولات الزج بمصر في هاوية الفتنة الطائفية ومن تحملينه المسئولية؟
ـ مصر في خطر إذا كان فيها طائفة تشعر بالظلم والمسيحيين يشعرون بالظلم, صحيح أن الظلم يقع علي المسيحيين والمسلمين لكنهم الأقلية يشعرون بالظلم أكثر وهم بطبيعة الشخصية القبطية المسيحية شخصية مسالمة ولذلك يتعرضون لضغوط أكثر
.
وكيف لا وهي التي درست الآداب في السربون وأول من حصلت علي الدكتوراه في القانون الدستوري.
شاركت شباب التحرير في ثورتهم وعملت علي التواصل معهم بشكل كامل, ورغم أن البعض يحسبها علي تيار الإخوان المسلمين فإنها تختلف معهم في كثير من المواقف آخرها التعديلات الدستورية والتي وقفت فيها إلي جانب كلمة لا, ورغم قيام مجموعة من الشباب بترشيحها عبر الفيس بوك لمنصب رئيس الجمهورية فإنها ومع ثقتها في قدرة المرأة علي القيام بذلك ولكنها تري أن المجتمع لابد أن يتخلص من كل مظاهر القهر والظلم قبل أن تخطو المرأة مثل هذه الخطوة.
إنها المستشارة نهي الزيني نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية والتي طرحنا معها عددا من القضايا الهامة سواء بالنسبة للدستور أو المرأة.
سألناها في البداية عن تأكيد المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن الإعلان الدستوري سيكون بمثابة شهادة وفاة لدستور71 وفي حين انك ذكرت إن الموافقة علي التعديلات الدستورية تعيد الحياة لهذا الدستور فما هي أسانيدك علي ذلك؟
هناك نوع من التناقض الدستوري الشديد لأن بعض التشريعات المكملة للدستور عدلت علي أساس مواد دستور71 اذن هو قائم, وعلي سبيل المثال نحن مقبلون علي انتخابات لمجلسي شعب وشوري وهذا الأخير مستند في وجوده بالأساس علي الدستور, وحتي يكون هناك مجلس شوري فلابد من وجود هذا الدستور في الخلفية.
ولكن كما ذكرت لجنة التعديلات أن الاستفتاء تم رغبة من المجلس العسكري في إضفاء الشرعية الثورية علي مواد الإعلان الدستوري الذي سيعلن قريبا وسيضم المواد المعدلة دون الأرقام التي كانت مدرجة بها في دستور71 بالإضافة لمواد أخري كفترة انتقالية وهو أمر ليس بجديد في مصر وسبق وأن حدث بعد ثورة25 حيث أسقط الدستور آنذاك أيضا فما هو تعليقك؟
المجلس العسكري لابد أن يعلن صراحة سقوط دستور71 وهذا لم يحدث بشكل واضح حتي الآن فالثورة عندما قامت كان لها مطالب لابد أن تتحقق علي الأرض فالشعب أراد إسقاط النظام وأهم خطوة لذلك إسقاط الدستور.
البعض رأي أن التصويت بنعم في الاستفتاء منح بعضا من الشرعية لهذا الدستور؟
أغلب الذين صوتوا بنعم كانوا تحت تأثير فوبيا أن نعم سوف تحافظ علي وجود المادة الثانية في الدستور وكانوا يعتقدون أنهم يصوتون للإسلام وقيل لهم إن المادة الثانية هي خط أحمر وسموها مادة الهوية وعلي الجانب الآخر كان هناك شحنا من جانب البعض من أجل لا ولكن في جانب نعم كان الشحن أكبر.
يري البعض أن خريطة القوي السياسية التي تتحكم في الشارع لم تتغير بعد الثورة عما قبلها فما هو تعليقك؟
أنا أتفق مع هذا ولكن هناك الآن دفعة أكبر للتيارات الإسلامية, والتي لا أعارض وجودها ولا أخشي منها بشرط عدم تلاعبها بالدين من أجل السياسة.
سبق وقلت قبل الثورة إن الاخوان ديكور كان يمنح الشرعية للنظام فما هي رؤيتك له الآن؟
النظام كان يمنح هامش محدود للتيار الإسلامي لسببين أولهما أن وجوده كان يمنح النظام المصداقية وثانيا كان يستغله لعمل فزاعة للشارع وللغرب, ولكن مشاركة الاخوان كانت ديكورية لأن النظام كان يمنع الرموز القوية من المشاركة عن طريق اعتقالهم, ولكن الآن لديهم فرصة حقيقية للمشاركة الفعلية وأنا أري أنهم وحزب الوفد يمكن أن يكون لهما دور سياسي لأنهما يملكان كوادر سياسية وهما الأكثر تنظيما ويوجدون منذ الثمانينيات في الحياة السياسية ناهيك عن تاريخهما, وبالطبع هذا يجعل لهما تجربة سياسية حقيقية بخلاف الأحزاب الهشة الأخري.
وماذا عن الحزب الوطني وحزب التجمع الذي له تجربة سياسية طويلة أيضا؟
الحزب الوطني ليس حزبا قائما علي فكر أو أيديولوجية واضحة وإنما كان يتكون من مجموعة أصحاب المصالح أما بالنسبة لحزب التجمع فأنا أري أنه حزب منقسم علي نفسه وأنه إنتهي منذ زمن ولكن به بعض الكوادر الفردية القوية مثل أبو العز الحريري وهو حزب لوحده.
وماذا عن التيار السلفي والذي ظهر فجأة في الحياة السياسية وهي سيكون له دور في الحياة السياسية؟
التيار السلفي هو أكثر التيارات انتشارا الآن في الشارع وهو موجود بقوة حتي في الجامعات بما فيها الجامعة الأمريكية, وكان موجودا بكثافة في ميدان التحرير ولكن أحب أو أؤكد أن التيار السلفي ليس لونا واحدا وإنما لديه درجات من أقصي اليمين إلي اليسار وليس لهم تجربة سياسية ولن يكون وإعلانهم عن تدخلهم في السياسة لحماية المادة الثانية التي ينظرون إليها باعتبارها عنوانا للهوية, والذي حدث أن الاخوان استغلوا الحشد الذي قام به التيار السلفي لتأييد الناس لصالح نعم من اجل مصلحتهم الشخصية دون النظر للعواقب التي سيتعرض لها الشارع المصري من خلال تقسيمه إلي مسلمين ومسيحيين بعد أن كنا وصلنا إلي ما يشبه المدينة الفاضلة في ميدان التحرير من حيث شكل العلاقة بين كل التيارات وبين المسلمين والمسيحيين.
وانقسام الشارع خطيئة كبيرة تحسب علي التيارات السلفية وعلي الاخوان بسبب تشجيع بعضهم علي هذا الحشد كما أن نبرتهم كانت نبرة استعلائية وتبريرية وكان لابد لهم من الخروج للتأكيد علي أن نعم ليس لديها علاقة بالدين أو بالمادة الثانية.
وما هو موقفك من المادة الثانية؟
المادة الثانية صارت كاللغم والاقتراب منها غير مأمون وبالنسبة لي فأنا لدي قناعة أن هناك شيئين فقط لا يجوز الاقتراب منهما وهما كتاب الله وسنة الرسول ولا ينبغي إضافة القدسية علي أي شيء بخلاف ذلك وكل شيء بشري مطروح للنقاش والمادة الثانية ليست منزلة من الله وليس من سنة رسوله ولكنها من سنة السادات رحمه الله.
ولكن تلك المادة كانت موجودة منذ الدستور الأول لمصر أي منذ عام1923 ؟
ـ لم تكن موجودة بهذا الشكل وإنما كان هناك نص يقول إن مصر دولة إسلامية واللغة العربية هي لغتها الرسمية وهذا النص التوافقي كان محل إجماع أعضاء اللجنة التي وضعت الدستور من كبار الفقهاء ومن كل التيارات بمن فيهم البابا يوأنس نائب البطريرك وأيضا يوسف قطاوي باشا رئيس الجالية اليهودية في مصر واستمر النص كذلك حتي في دستور71 ثم أضيفت المادة الثانية عام1980 بمعرفة السادات وكانت تنص علي أن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع, ولكنني أحب هنا أن أعلق علي أمر هام أن بعض قيم المجتمع تعلو علي الدستور وتكون أشد الزاما رغم أنه لم ينص عليها في مواده.
البعض يري أن الخيارات المتاحة لمصر في حال وصول التيارات الإسلامية للحكم هو أن تكون مصر دولة علي النموذج الإيراني أو التركي فأي من النموذجين هو الأقرب لمصر؟
لقد استمعت لمثل هذه الآراء والتي تتردد بشكل واسع في الأوساط الغربية, بالنسبة للنموذج الإيراني هو مستبعد تماما في حال وصول تيار إسلامي للحكم في مصر لأن النظام في إيران قائم علي ولاية الفقيه النابعة من الفكر الشيعي ومن المعروف أن السنة يمثلون أكثر من90% من المسلمين ولا يوجد لديهم فكرة ولاية الفقية فالنموذج الإيراني يقترب من النموذج المطبق في الفاتيكان وليس مطروحا للمناقشة أو التطبيق في مصر, وإذن يبقي النموذج التركي وياليته يطبق في مصر.
رغم أنه ينص علي علمانية الدولة؟
العلمانية في الأصل فكرة إسلامية والعراب الأول لها والذي نقلها للغرب هو القديس توما الأكويني الذي كان يدرس في جامعة قرطبة في العصور الوسطي وبهره النموذج الإسلامي في الحكم باسم الإله مثل اوروبا التي كان الملك يحكم باسم الله ولا أحد يستطيع أن يعينه أو يعزله الا رجال الدين, ورأي توما الاكويني أن حكم العالم( أصل كلمة العلمانية) هو أن للشعب أن يختار حاكمه ويمكن له أن يعزله, وعندما عاد توما الاكويني الي اوروبا بهذه الافكار كفروه باعتبار أن الحاكم لا يخطئ ولا يحاسب.
ولكن العلمانية لدي الرجل العادي ترتبط بمعاني تتعارض مع ذلك وتتفق أكثر مع فكرة التحرر من كل المعتقدات الدينية؟
ـ هم معذورون لأن من تحدث عن العلمانية في بلادنا تعلموا في اوروبا ووجدوا أن العلمانية تعني فصل الدين عن الدولة بما يعني أن رجال الدين لم يعد لهم سلطتهم المقدسة وعندما حاولوا نقلها لبلادنا نقلوها بشكل خاطئ فنحن لا يوجد لدينا رجال دين لديهم كهنوت أو قدسية فكان تفسير العلمانية في تصورهم هو فصل الدين عن الدولة وهو الأمر الذي يرفضه عامة الناس أن الدين يدخل كل شيء في الحياة.
وعندما نتحدث عن النموذج التركي ونعتبره نموذجا ناجحا لأن الأحزاب هناك تعمل وفقا للنظم الديمقراطية ويمكن أن يكون لها مرجعية إسلامية أو ماركسية أو خلافه ويتم طرحها للشارع بكل وضوح وتحديد برامجها وأفكارها, كما أنه يمكن أن تكون هناك عدة أحزاب بمرجعيات إسلامية ورغم ذلك تختلف أفكارها فعلي سبيل المثال حزب الوسط لديه مرجعية إسلامية ولكنها تختلف عن الأفكار التي يمكن أن تكون لحزب الاخوان.
ولكن هذا يهدد بانقسام كبير في الشارع المصري؟
في كل دول العالم الأحزاب لها أفكار سياسية ولها أيديولوجية ومرجعية فلسفية أو دينية وطبيعي أن يتوزع انتماء الشارع علي تلك الأحزاب وهذا يكون علي أساس سياسي وحزبي وليس ديني مثلما يحدث في ألمانيا أو بريطانيا فمثلا الحزب الحاكم في ألمانيا يستقي بعض من قيمه من البروتستانتية المسيحية ورغم ذلك يمكن أن نجد بعض أعضائه من المسلمين والملحدين.
برأيك ما هو الوقت اللازم لإتمام الدستور وهل لديك اعتقاد أنه سيلبي متطلبات الشارع المصري؟
ـ اعتقد أنه سيحتاج لحوالي عام ونصف وبالطبع كنت أتمني أن يتم عمل دستور جديد قبل الانتخابات ولكن وفق الوضع الحالي فإن مجلس الشعب المنتخب هو الذي سيختار أعضاء اللجنة التي ستضع الدستور وهو ما قد يجعله لا يكون معبرا عن كل طموحات الشعب بشكل كامل وقد لايكون له استمرارية دساتير الديمقراطيات الكبري التي لا تتغير علي مدي مئات السنيين.
كان لك أراء وتحفظات كثيرة علي بعض الشخصيات ومنها البرادعي والذي أعلنت عدم تأييدك لترشيحه فما هو السبب في ذلك؟ ومن يمكن أن تمنحيه صوتك بين المطروحين حاليا علي الساحة؟
أنا لا أؤيد البرادعي مع احترامي لشخصيته فهو لا يجيد التعامل مع الشارع وليست لديه الكاريزما, وبالنسبة لي فلو خيرت بين المطروحين علي الساحة سأختار عمرو موسي, فعمروموسي كان وزير خارجية مميزا ولديه رصيد من المحبة والثقة في الشارع ولا يمكن أن نحسبه علي النظام السابق, حقيقة هو عمل معه ولكنه كانت له مواقف مختلفة, واختياري لعمرو موسي أو أي من المطروحين حاليا علي الساحة سيكون محددا بشرط أساسي وهو أن يكون نظام الحكم برلماني وليس رئاسي فيكون الرئيس مجرد رمز لأنه ممكن أن يتحول وفقا للنظام الرئاسي الحالي إلي فرعون جديد.
هناك دعاوي علي الفيس بوك تطالبك بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية ولكنها قوبلت بكثير من النقد بسبب كونك امرأة فكيف تنظرين لهذا الأمر؟
ـ لا يوجد قبول مجتمعي لفكرة أن تتولي المرأة منصب رئيس الجمهورية, بل أن منصب القاضية لم يتقبله الكثير حتي الآن, وحتي تستطيع المرأة أن ترشح نفسها فلابد أن يتغير المجتمع أولا والمسألة بالنسبة لي ليست تحدي المجتمع وإنما لا توجد لدي رغبة في ذلك ولا احتاج إلي منصب لكي ازداد ثقة في نفسي فأنا أثق في قدراتي وفي قدرات المرأة المصرية بشكل عام, ولكنني أري أن فكرة أن تتحدي المرأة المجتمع تضر بالمرأة وبالمجتمع ككل فإذا انزاحت هذه السطوة والظلم فلن يكون الرجل بحاجة أن يقهر المرأة.
كان لك موقف في الفتنة الطائفية حيث قمت بزيارة لنجع حمادي العام الماضي وكان لك موقف من الأحداث الأخيرة فما هورأيك في محاولات الزج بمصر في هاوية الفتنة الطائفية ومن تحملينه المسئولية؟
ـ مصر في خطر إذا كان فيها طائفة تشعر بالظلم والمسيحيين يشعرون بالظلم, صحيح أن الظلم يقع علي المسيحيين والمسلمين لكنهم الأقلية يشعرون بالظلم أكثر وهم بطبيعة الشخصية القبطية المسيحية شخصية مسالمة ولذلك يتعرضون لضغوط أكثر
.
0 التعليقات:
إرسال تعليق