"تعود الجماعة الإسلامية إلى قومها وأهلها وهي حاملة وسطية الإسلام وعدله ورحمته وهدايته.. تعود وهي تعمل بنظام المؤسسات بعد أن جعلت للفرد فيها رجلاً كان أو امرأة دورا فعالا في اختيار قيادته ومسؤوليه.. تعود إلى أهلها ومجتمعها وهي تمد يدها إلى جميع قيادات التيارات السياسية في مصر والقوى الإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل رفعة مصر وإعادة النهوض بها؛ ايمانا منها بأنه لا يمكن لفصيل سياسي واحد أن ينهض بمصر في هذه المرحلة الحساسة والحرجة، ونهنئ الشعب المصري على ثورته المباركة ونقدم التحية للشهداء ابتداء من حسن البنا وسيد
قطب إلى شهداء 25 يناير الذي ضحوا بأرواحهم فداء هذا الوطن".
هذا هو الخطاب السياسي والدعوي الجديد الذي بدأت به الجماعة الإسلامية مؤتمرها الذي أعلنت فيه أمس الاثنين 23-مايو-2011م عن نتائج اجتماعات مجلسي شوراها وجمعيتها العمومية، والذي عقدته بالنادي النهري لنقابة المحامين بحي المعادي بالقاهرة.
آلية الانتخاب
في البدء تلا عبد الآخر حماد –رئيس لجنة المشرفة على الانتخابات- تقرير اللجنة وقام بشرح العملية الانتخابية وكيفية إجرائها وذكر أن انتخابات الجماعة الإسلامية بدأت من القرية ثم المدينة مرورا بالمحافظة انتهاء بمجلس شوراها ثم رئيسها ونائبه، وقام أعضاء الجماعة الإسلامية في كل قرية بانتخاب مسؤول عنهم، ثم انتخب مسؤولو القرى مسؤولا للمركز، ثم انتخب مسؤولو المراكز مسؤولا لهم ونائبا له مع مجلس شورى يتراوح ما بين 5 إلى 7 أعضاء بحسب عدد أبناء الجماعة الإسلامية في هذه المحافظة، وتمت الانتخابات بهذه الطريقة في 25 محافظة.
ثم انتقل حماد للمرحلة الثانية قائلا: تم تشكيل الجمعية العمومية للجماعة الإسلامية من مسؤولي المحافظات ونوابهم، ومسؤولي المراكز ونوابهم، وعدد من أعضاء المجالس الشورية، بما يتناسب مع كثافة أعضاء الجماعة في كل محافظة، وبناء على هذا وصل أعضاء الجمعية العمومية المنتخبة إلى 262 عضواً، كما انضم إلى الجمعية العمومية جميع أعضاء مجلس الشورى القديم، وعددهم 12 عضوا، ثم خولت لجنة الانتخابات في أن تضم عددا من الشخصيات العامة من أبناء الجماعة الإسلامية ممن حالت ظروفهم دون المشاركة في الانتخابات، وكان عددهم 25 عضواً، وبهذا يكون عدد أعضاء الجمعية العمومية 299 عضوا.
وفي المرحلة الثالثة -حسب حماد- تم فيها دعوة الجمعية العمومية للانعقاد بمسجد الرحمن بمدينة المنيا 21 مايو، حيث حضر 215 عضوا من أعضاء الجمعية العمومية، قاموا بانتخاب أعضاء مجلس شورى الجماعة، وكذلك اختاروا رئيس المجلس ونائبه، كما تم انتخاب رئيس للجمعية العمومية، وتم التصويت على بعض القرارات المتعلقة ببعض قضايا العمل العام وسياسة الجماعة في المرحلة المقبلة.
ثم قام مجلس الشورى باختيار 9 أعضاء كانوا حسب نسبة التصويت كالتالي: أسامة حافظ، عاصم عبد الماجد، عصام دربالة، طارق الزمر، صلاح هاشم، عبود الزمر، صفوت عبد الغني، علي الديناري، ناجح إبراهيم.
أما بالنسبة لاختيار رئيس المجلس فأشار حماد قائلا: قد صوت الحاضرون أعضاء الجمعية لاختيار واحد من أعضاء المجلس الـ9 ليكون رئيسا للمجلس، وتلا ذلك الانتخاب على مرحلتين وذلك نظرا لتعادل الشيخ أسامة حافظ والشيخ عصام دربالة، وكانت النتيجة حصول الشيخ عصام دربالة على أعلى الأصوات ليكون رئيسا لمجلس شورى الجماعة، ثم اختار الحاضرون من أعضاء الجمعية العمومية الشيخ أسامة حافظ ليكون نائبا لرئيس مجلس الشورى والشيخ شعبان إبراهيم ليكون رئيسا للجمعية العمومية.
حزب سياسي وجمعية أهلية
وفيما يخص التصويت على المرحلة المتعلقة بسياسات المرحلة القادمة كانت نتائج التصويت كالتالي:
أولا: الموافقة على تأسيس الجماعة لجمعية أهلية مستقلة بعيدة عن هياكل الجماعة التنظيمية.
ثانيا: الموافقة على تأسيس حزب سياسي يعبر عن الجماعة الإسلامية مع تفويض مجلس الشورى المنتخب باتخاذ الإجراءات الخاصة بذلك.
ثالثا: المشاركة في الانتخابات البرلمانية وتفويض المجلس المنتخب في تحديد نطاقاتها والتنسيق مع القوى الإسلامية خاصة والقوى الوطنية عامة.
رابعا: قررت الجمعية عدم التقدم بمرشح لانتخابات الرئاسة، ودعم أفضل المرشحين في هذا الخصوص. خامسا: المشاركة في الانتخابات المحلية مع تفويض المجلس المنتخب في تحديد نظاق المشاركة في تلك الانتخابات.
جماعة مؤسسية وقانونية
وفي كلمة عاصم عبد الماجد شدد على أن الجماعة الإسلامية تريد اليوم أن تهيكل نفسها بشكل مؤسسي يتوافق مع روح القانون وصحيحه كي تساهم في تحقيق بعض الأهداف، ذكر منها عبد الماجد:
أولا: الحفاظ على الهوية الإسلامية للأمة المصرية الموحدة.
ثانيا: مواجهة الأزمة التي تمر بها البلاد في الوقت الحاضر للمشاركة مع كافة الاتجاهات السياسية مسلمة كانت أو غير مسلمة.
وثالثا: الدفاع عن ضحايا النظام السابق ورفع الظلم الذي حاق بهم ولا يزال يحيق بهم عبر السعي إلى إصدار عفو عام وشامل عن كل سجناء النظام السابق.
رابعا: إحباط كل المحاولات المشبوهة للتدخل الخارجي في الشأن المصري.
خامسا: دعم التواصل بين الشعب المصري والشعوب الأخرى في إطار تحقيق المصالح المشتركة، مع إظهار استقلالية القرار الوطني ودعم حق الشعوب المحتلة في تحررها من الاستعمار وخاصة فلسطين. سادسا: دعم القيم الإسلامية في المجتمع ودعم دور المرأة في المجتمع وفق مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها.
وكشف عبد الماجد عن أن الجماعة "اعتمدت لتحقيق هذه الأهداف استراتيجية العمل السلمي في كافة مجالات العمل العام دعوية وتربوية واجتماعية وسياسية وغيرها والتواصل مع كافة القوى السياسية الإسلامية وغير الإسلامية مسلمة وغير مسلمة وحاكمة وغير حاكمة".
وأكد عبد الماجد أن أعضاء الجماعة الإسلامية قد توافقوا على حزمة السياسات الآتية:
1-الإصرار على المسار الذي اختاره الشعب بأغلبية ساحقة في الاستفتاء الأخير في إعادة بناء مؤسسات الدولة وصيانة دستورها الجديد، ودعم بناء الدولة التي تتوافق مع الإسلام مبادئ وأحكاما ورفض الثيوقراطية التي رفضتها أوروبا.
2- دعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة وحكومة الدكتور عصام شرف لإعادة بناء مؤسسات الدولة وفق الخيار الشعبي المعلن وإعادة الأمن والاستقرار للبلاد وانقاذ الاقتصاد المصري من الانهيار.
3- المساعدة في عودة الشرطة في أداء دورها مع التأكد على عدم العودة للتجاوزات السابقة.
4- المعارضة السلمية لكل ما هو متعارض مع الإسلام ومصالح الوطن والشعب.
جدلية الجماعة والحزب
وفي إجابته على سؤال حول العلاقة بين الحزب والجماعة الإسلامية، وهل سيكون مرشحو الحزب هم مرشحي الجماعة، ومدى الفصل بينهم، قال دربالة: الحزب يحتاج إلى وقت لتأسيسه فمن الطبيعي أن تكون الجماعة موجودة في التأسيس لهذا الحزب إلى أن يستطيع أن يقوم الحزب على قدميه، وأشار أن الجماعة مهمومة الآن ببناء نفسها، وإعادة طرح نفسها من خلال آليات العمل العام، وأكد دربالة أنه لا بد أن يتم تأسيس الحزب في ظل وجود الجماعة الإسلامية وفي ظل اعتماده على أبناء الجماعة.
وحول ملاحظة الحضور عدم حضور الدكتور ناجح إبراهيم –مسؤول الجماعة السابق- وربط ذلك بتكهنات حول وجود خلافات أو استقالة إبراهيم من الجماعة لفت عبدالآخر حماد إلى أن إبراهيم اعتذر عن الحضور لوعكة صحية ألمت به، وأنه سيحضر مع إخوانه في الاجتماعات القادمة لمجلس الشورى، وأنه سيكون عضوا فاعلا به.
وفي معرض رده على سؤال حول انعدام وجود شباب في مجلس شورى الجماعة أرجع دربالة السبب: إلى مكوث أعضاء الجماعة سنوات طوال تحت أقبية السجون، والتي فقدت خلالها الجماعة الشريحة العمرية الوسطية، كما أبدى دربالة تقديره لجماعة الإخوان المسلمين كرافد من روافد الحركة الإسلامية في مصر، والتي لها دور كبير في هذا المجال حتى لو كانت هناك تباينات موجودة بينها وبين الجماعة.
وأكد دربالة أن الجماعة الإسلامية ليست بصدد التقارب مع فصيل واحد لكن بصدد التقارب مع جميع الفصائل في مصر، إسلامية وغير إسلامية؛ مشيرا أن مجلس شورى الجماعة قرر الخوض في الانتخابات بالتنسيق مع جميع التيارات الإسلامية والقوى السياسية الأخرى لأن الأزمة في مصر تحتاج إلى تكامل الجهود.
وفي رد دربالة على سؤال حول تمويل الجماعة الإسلامية ومن أين يأتي، قال دربالة: تمويل الجماعة الإسلامية من جيوب أعضائها ومن تبرعات أهل الخير والبر، وكشف دربالة إلى أن الجماعة تسعى إلى إنشاء فضائية خاصة بها، إضافة إلى إنشاء صحيفة ومركز حقوقي ومركز للدرسات، وفي هذا السياق دعا عبود الزمر جميع الفضائيات الموجودة إلى إتاحة الفرصة للجماعة الإسلامية للتعبير عن نفسها في هذه المرحلة ريثما تتمكن الجماعة من إنشاء فضائية قد تكلفها ملايين الجنيهات.
دعم المجلس العسكري
وشدد دربالة على أن الجماعة الإسلامية لن تتقدم بمرشح للرئاسة، لكنها ستدعم الأفضل للوطن، ونفى دربالة أن تكون الجماعة حسمت أمرها في اتجاه تأييد مرشح بعينه، مشيرا إلى أن هذا الاختصاص من صلاحيات مجلس الشورى الذي لم يبحث هذا الأمر بعد.
أما بالنسبة لدعم الجماعة للمجلس العسكري فأكد دربالة على أن الجماعة الإسلامية تدعم المجلس لأن جميع مؤسسات الدولة قد "تكسرت" على تعبيره ولم يبق سوى المجلس العسكري، مشيرا أن تأييدهم للمجلس العسكري لا يعني مطالبته بالاستمرار في الحكم كما فعل بعض العلمانيين والليبراليين.
وفي سؤال لإسلام أون لاين حول موقف حزب الجماعة الإسلامية من انضمام الأقباط له أكد عبود الزمر أنه لا مانع من ذلك، موضحا أن الحزب له رؤية واضحة ومن أراد أن ينضم له ليحقق هذه الرؤية فله أن ينضم ولا ربط المسألة بقضية العقيدة، أما مسألة تولي الأقباط مناصب داخل الحزب فلم يمانع الزمر من ذلك طالما أن الصعود في الحزب يتم بآلية شورية ومؤسسية.
وفي تصريحات خاصة لإسلام أون لاين قال دربالة: إن الجماعة الإسلامية فضلت أن تبقى بهياكلها بعيدة عن الجمعية الأهلية وبعيدة عن الحزب السياسي لأن مسألة توفيق أوضاعها القانونية يحتاج إلى وقت، وذلك في رده على سؤال لإسلام أون لاين عن توصيف وضع الجماعة القانوني بعد اختيارها أن تظل بعيدة عن الجمعية الأهلية بهياكلها وأن ذلك قد يصطدم بالنظام القانوني والدستوري مما يشكل أزمة مستقبلية، لكن دربالة أكد أن مجلس شورى الجماعة لن يرضى أن تستمر الجماعة بغير توصيف قانوني سليم وصحيح بناء على المبدأ الاستراتيجي الذي كرسته الجمعية العمومية (سلمية تعاونية قانونية).
وعن الفروقات والتمايزات الجوهرية في المشروع الدعوي والسياسي بين الجماعة الإسلامية الآن وبين غيرها من الجماعات الإسلامية الأخرى مثل جماعة الدعوة السلفية قال دربالة لإسلام أون لاين: نحن نقدر إخوتنا السلفيين ونرى أن لهم دورا عظيما في نشر شعائر الدين وتصحيح العقيدة. وبارك دربالة الحراك السياسي الذي دخلت فيه الجماعة السلفية بعد ثورة 25 يناير، كما شجعهم على أن يكون لهم تصورات ورؤى للمستقبل وتوجهات محددة في مجالات العمل السياسي والاقتصادي والإداري والتعليمي.
إسلام أون لاين - القاهرة
0 التعليقات:
إرسال تعليق