مع اندلاع الشرارة الأولى لأحداث الفتنة الطائفية فى إمبابة، بادرت بالاتصال بثلاثة من الأصدقاء يعيشون هناك، للوقوف على طبيعة الموقف وحجمه وأسباب المشكلة، وما الذى دفع السلفيين للتجمهر أمام كنيسة مارمينا؟. الغريب أن الثلاثة مع أنهم يعيشون فى إمبابة وفى منطقة قريبة من الكنيسة، سرد كل منهم رواية مختلفة عن الأخرى. فالأول (أحمد) قال إنه سمع من بعض الناس، أن فتاة مسيحية أسلمت منذ عامين احتجزت داخل الكنيسة، تمكنت من الاتصال بأحد المسلمين وأبلغته عن مكانها. وعندما
ذهب هو وذووه لإخراجها، تصاعد الأمر بعد رفض الكنيسة تسليمها لهم، وعقب ذلك تزايد المتجمهرون امام الكنيسة وحدث ماحدث من حرق وتدمير.
أما رواية الثانى ( حسين ) فجاءت مخالفة لرواية أحمد من وجوه كثيرة، حيث قال إنه سمع أن فتاة مسيحية أعلنت إسلامها منذ أسبوع، وتزوجت من شاب مسلم، وعندما علمت أسرتها بالموضوع توجه عدد من أشقائها وأقربائها إلى منزل زوجها واختطفوها ثم أودعوها الكنيسة. وبعد أن علم الزوج وأهله بمكانها ذهبوا جميعا إلى الكنيسة ليستردوا زوجته. وتطورت الأحداث إلى معركة نارية بين الطرفين.
فى حين كانت الرواية الثالثة التى حكاها (هانى) مغايرة تماما لما سبق، فقد سمع صديقى من بعض الناس، أن كاميليا شحاتة التى شغلت الرأى العام خلال الفترة الماضية محتجزة داحل كنيسة مارمينا، وأجبرت على أن تدلى بحوار تليفزيونى لقناة الحياة نفت فيه قصة اعتناقها للإسلام، وأن بعضا ممن يعتقدون أنهم غيورون على الإسلام توجهوا لتحريرها وإخراجها بالقوة من الكنيسة التى قيل إنها تقطن بداخلها.
الروايات الثلاث السابقة تبدو مختلفة ومتناقضة، كما أن ثلاثتهم بدأوا كلامهم معى بكلمة "سمعت".. ما يعنى بالنسبة لى أن إمبابة كانت أسيرة عدد من الشائعات وهو ماطرح تساؤلات حول دور الشائعة ومدى دورها فى تأجيج نار الفتنة الطائفية فى منطقة إمبابة وما سبق من قضايا مشابهة.
د.سهير لطفى أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية وعضوة المجلس القومى لحقوق الإنسان أوضحت أن الشائعة رواية تتناقل عن طريق الاتصال الشخصي، دون وجود مصدر يؤكد صحتها وهى اختلاق لقضية أو خبر ليس له أساس في الواقع تنتشر عندما لا تتوافر المعلومة العلمية الصحيحة وتزيد فى حالة وجود مشكلة متراكمة تاريخيا كالطائفية والعرقية وتجد أرضا خصبة وثرية، فكيف إذا كانت مشكلة متراكمة تم التعامل معها بحلول جزئية.
خطورة الأمر أن الشائعة ولادة سرعان ما تنتقل من شخص إلى شخص ويدخل عليها خيال الشخص الثانى وانطباع الرجل الثالث وهكذا تنمو بصورة مطردة فى مثال حى لما يعرف بثقافة القطيع التى تجسد فهم ثقافة وفكر مجموعة محدودة من الناس في بيئة ضيقة تسود بينهم ثقافة معينة ومحدودة الإطار مثل المناطق العشوائية.
الشائعة كما تصفها سهير لطفى تجد طريقها للتغلل بين الناس عندما يكون هناك تفاقم للمشاكل الاجتماعية فى العشوائيات والقرى الفقيرة والنائية حيث ترتفع معدلات الأمية والفقر وتزيد الضغوط الاجتماعية ويتعاظم تفاوت الفوارق الاجتماعية وهنا تصبح مثل هذه المنطقة أرضا خصبة الاستغلال من قبل أصحاب المصلحة لتحقيق أهدافهم المتطرفة.
وأشارت إلى أن الانطباع الأول حول أحداث إمبابة يوحى بأن الشائعة شكلت الشرارة الأولى التى أججت الأحداث لكن هناك عوامل أخرى غذت المشكلة فقضية الفتنة الطائفية متراكمة وما اتبع فى مواجهتها خلال السنوات الماضية من حلول أمنية كانت أشبه بالمسكنات دون الدخول إلى عمق المشكلة.
ساعد على ذلك المناخ العام الذى يعيشه المجتمع نتيجة لاختفاء الوسطية فى الفكر الإسلامى والمسيحى وظهور نتوءات سلفية وجهادية تشجع على الغلو والتطرف وعلى النقيض تماما المجتمع الذى يعتمد على العلم والمعرفة ولديه وضوح فى الرؤية يسوده فكر وسطى صحيح يبطل عمل الشائعات.
وتساءلت: ماذا لو كان ما حدث فى إمبابة حدث فى مجتمع متعلم.. هل كان سيحدث ماحدث فى إمبابة؟ ولماذا لا تجد الإشاعات دورا فى الدول المتقدمة؟ الجواب لأنها مجتمعات متعلمة ومثقفة، أما فى مصر تزيد نسبة الأمية على 48 % من إجمالى عدد السكان وهى نسبة عالية تغذى ديناميكية دور الشائعة السلبى.
كما أشارت إلى دور وسائل الإعلام المختلفة فى انتشار الشائعة والتضخيم من حجمها خاصة إذا كان الإعلام ركيكا ويفتقد إلى الرؤية والمهارة وهو ما عاناه الإعلام المصرى فى السنوات الماضية خاصة التليفزيون الذى ابتعد عن هموم المجتمع ومشكلاته وانصرف إلى خدمة نظام وجهه لخدمة أهدافه وأغراضه فى إلهاء المواطنين وتسطيحهم والبعد عن مخاطبة العقل والفكر.
الشائعة لعبت دورا مهما فيما آلت إليه الأحداث فى إمبابة توضح سهير لطفى وأنها باتت على قناعة بذلك عقب زيارة ميدانية قامت بها ضمن لجنة مكونة من 7 أعضاء شكلها المجلس القومى لحقوق الإنسان للوقوف على أسباب القضية ودراستها بشكل علمى وخلال الزيارة تم الاستماع إلى شهود عيان الغالبية العظمى منهم استخدمت لفظ "سمعنا"، و "قالوا لنا".
فى حين اتفق د. حسنين كشك أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية مع د. سهير لطفى حول الدور السلبى للشائعة فى المجتمعات التى تعانى الجهل والفقر مثل مصر ومدى مسئولية وسائل الإعلام المختلفة فى التضخيم من حجمها، استنكر اختزال أحداث إمبابة بالذات وملف الفتنة الطائفية فى مصر عموما فى فرضية الإشاعات واصفا ذلك بأنه استسهال للأمور.
وتساءل: هل أحداث قنا كانت نتيجة لشائعة وما حدث فى كنيسة صول بإطفيح وما سبقها من قضايا طائفية هل كانت الشائعة المحرك الرئيسى له؟. وافترض كشك أننا حتى لو سلمنا بأن ماحدث كان نتيجة شائعة لا أساس لها من الصحة هل يجوز أن تصل الأمور لهذا الحد لمجرد أن شخصا ما أو جماعة ما غير مسئولة أطلقتها ،ما حدث يمثل موقفا ثابتا لجماعة بعينها وهى "السلفيين" معلن عنه وهو أقرب إلى برنامج عمل يسيرون عليه.
حذر كشك من أن مثل هذه القضايا ستتكرر مرة أخرى، إذا لم نقف وقفة حاسمة فى التعامل معها خاصة إذا استمر اختزالها فى فرضية الشائعات موضحا أن ذلك يمثل هروبا من المسئولية القانونية والمجتمعية مشيرا إلى أن قضية الفتنة الطائفية فى مصر لن تحل بالقعدات العرفية ولا بالقبلات والأحضان بين الرموز الدينية.
أشار إلى أن ما يحدث الآن فى مصر هو بعض الثمار المرة والسيئة للنظام السابق الذى يحاول عبر إثارة الفتنة الطائفية إلى أن يتحسر المصريون على عهده وأن الثورة المصرية تتعرض الآن للإجهاض من قبل رموز النظام السابق أو ما سماها "عصابة مبارك" ودعا المصريين إلى تذكر أن ما تحقق من أهداف الثورة حتى الآن يمثل 20% من أهدافها.
ووصف ما يحدث فى مصر بأنه انحطاط ثقافي وحضاري لا يليق فقضايا مصر أكبر بكثير من كاميليا شحاتة أو بنت مسلمة أحبت شابا مسيحيا أو مسيحية تزوجت من مسلم وهو ردة لا تليق بشعب أذهل العالم برقيه خلال ثورة يناير.
د. فاروق لطيف أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس علق بأن الشائعات موجودة فى مصر منذ زمن وكانت تنشر فى شعب حى مثل الميت وكان المجتمع يتقبل ما يسمعه من شائعات ولم يكن لديه حول ولا قوة أما الآن فلديه الحول والقوة ويقوم بتجريبه.
وأشار إلى أن البلاد التى يسود فيها الجهل بصورة كبيرة ولديها ظروف إقتصادية سيئة كمصر تكون أخطر نوعية فيها أنصاف المتعلمين -أنصاف الجهلة أنصاف المتعلمين- نظرا لانعدام المنطق السليم لديهم ولذا تسود الشائعة كنتيجة طبيعية لغياب العلم وعندما يفتقد الإنسان القدرة على تكوين منطق سليم يسير خلف الشائعة ويجنح إلى تصديق غير الحقيقة.
قال: ما تعيشه مصر الآن شىء طبيعى فعندما يعيش شعب تحت ضغوط ديكتاتور مثل مبارك مارس الغش والخداع والتدليس وعامل الشعب باحتقار شديد لدرجة جعلت الناس تصل إلى قناعة بأنها لا تستحق أكثر مما هى فيه من الطبيعى أن يكون هناك عنف داخلى طفا على السطح ولا يجب التهويل من شأن ما تشهده البلاد الآن ويجب وضعه فى إطاره الطبيعى وضرورة تحرى الدقة واستعمال المنطق السليم الذى يتماشى مع وقائع الأمور.
ودعا إلى عدم حصر المسألة فى نطاق الشائعات فقط فهناك أسباب أخرى ساهمت إلى تأجيج نار الفتنة الطائفية فى إمبابة مثل حوار كاميليا شحاتة الذى سبق الوقائع وكذلك تزامن الأحداث مع الحكم على حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق ومرور 100 يوم على الثورة وكذلك مظاهرات قنا وجولة رئيس الوزراء إلى الخليج التى تستهدف جذب الاستثمار إلى مصر وكلها أسباب عوامل أرى أنها لا تصب فى مصلحة النظام السابق الذى يحاول إجهاض الثورة ولماذا لانسلم بأن ما يحدث هو إشعال لفتيل الفتنة لمصلحة مبارك ونظامه الذى استخدم منطق "فرق تسد" وكل ما يمكن أن يثير الفتنة بين جناحى الأمة.
توقع لطيف أن ما يلم الآن بمصر من أحداث سرعان ما سينتهى بمجرد انتخاب رئيس جمهورية وبرلمان منتخب بحرية يعبر عن طموحات الشعب وما يدور الآن يشبه قلق ما قبل نتيجة الامتحانات بشرط أن نتحلى بالصبر وبقدر الصبر بقدر إعمال العقل وهذا ليس ببعيد على شعب المصرى الذى يمتلك من المواهب والملكات والفكر والثروات ما يؤهله لذلك.
الاهرام
ذهب هو وذووه لإخراجها، تصاعد الأمر بعد رفض الكنيسة تسليمها لهم، وعقب ذلك تزايد المتجمهرون امام الكنيسة وحدث ماحدث من حرق وتدمير.
أما رواية الثانى ( حسين ) فجاءت مخالفة لرواية أحمد من وجوه كثيرة، حيث قال إنه سمع أن فتاة مسيحية أعلنت إسلامها منذ أسبوع، وتزوجت من شاب مسلم، وعندما علمت أسرتها بالموضوع توجه عدد من أشقائها وأقربائها إلى منزل زوجها واختطفوها ثم أودعوها الكنيسة. وبعد أن علم الزوج وأهله بمكانها ذهبوا جميعا إلى الكنيسة ليستردوا زوجته. وتطورت الأحداث إلى معركة نارية بين الطرفين.
فى حين كانت الرواية الثالثة التى حكاها (هانى) مغايرة تماما لما سبق، فقد سمع صديقى من بعض الناس، أن كاميليا شحاتة التى شغلت الرأى العام خلال الفترة الماضية محتجزة داحل كنيسة مارمينا، وأجبرت على أن تدلى بحوار تليفزيونى لقناة الحياة نفت فيه قصة اعتناقها للإسلام، وأن بعضا ممن يعتقدون أنهم غيورون على الإسلام توجهوا لتحريرها وإخراجها بالقوة من الكنيسة التى قيل إنها تقطن بداخلها.
الروايات الثلاث السابقة تبدو مختلفة ومتناقضة، كما أن ثلاثتهم بدأوا كلامهم معى بكلمة "سمعت".. ما يعنى بالنسبة لى أن إمبابة كانت أسيرة عدد من الشائعات وهو ماطرح تساؤلات حول دور الشائعة ومدى دورها فى تأجيج نار الفتنة الطائفية فى منطقة إمبابة وما سبق من قضايا مشابهة.
د.سهير لطفى أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية وعضوة المجلس القومى لحقوق الإنسان أوضحت أن الشائعة رواية تتناقل عن طريق الاتصال الشخصي، دون وجود مصدر يؤكد صحتها وهى اختلاق لقضية أو خبر ليس له أساس في الواقع تنتشر عندما لا تتوافر المعلومة العلمية الصحيحة وتزيد فى حالة وجود مشكلة متراكمة تاريخيا كالطائفية والعرقية وتجد أرضا خصبة وثرية، فكيف إذا كانت مشكلة متراكمة تم التعامل معها بحلول جزئية.
خطورة الأمر أن الشائعة ولادة سرعان ما تنتقل من شخص إلى شخص ويدخل عليها خيال الشخص الثانى وانطباع الرجل الثالث وهكذا تنمو بصورة مطردة فى مثال حى لما يعرف بثقافة القطيع التى تجسد فهم ثقافة وفكر مجموعة محدودة من الناس في بيئة ضيقة تسود بينهم ثقافة معينة ومحدودة الإطار مثل المناطق العشوائية.
الشائعة كما تصفها سهير لطفى تجد طريقها للتغلل بين الناس عندما يكون هناك تفاقم للمشاكل الاجتماعية فى العشوائيات والقرى الفقيرة والنائية حيث ترتفع معدلات الأمية والفقر وتزيد الضغوط الاجتماعية ويتعاظم تفاوت الفوارق الاجتماعية وهنا تصبح مثل هذه المنطقة أرضا خصبة الاستغلال من قبل أصحاب المصلحة لتحقيق أهدافهم المتطرفة.
وأشارت إلى أن الانطباع الأول حول أحداث إمبابة يوحى بأن الشائعة شكلت الشرارة الأولى التى أججت الأحداث لكن هناك عوامل أخرى غذت المشكلة فقضية الفتنة الطائفية متراكمة وما اتبع فى مواجهتها خلال السنوات الماضية من حلول أمنية كانت أشبه بالمسكنات دون الدخول إلى عمق المشكلة.
ساعد على ذلك المناخ العام الذى يعيشه المجتمع نتيجة لاختفاء الوسطية فى الفكر الإسلامى والمسيحى وظهور نتوءات سلفية وجهادية تشجع على الغلو والتطرف وعلى النقيض تماما المجتمع الذى يعتمد على العلم والمعرفة ولديه وضوح فى الرؤية يسوده فكر وسطى صحيح يبطل عمل الشائعات.
وتساءلت: ماذا لو كان ما حدث فى إمبابة حدث فى مجتمع متعلم.. هل كان سيحدث ماحدث فى إمبابة؟ ولماذا لا تجد الإشاعات دورا فى الدول المتقدمة؟ الجواب لأنها مجتمعات متعلمة ومثقفة، أما فى مصر تزيد نسبة الأمية على 48 % من إجمالى عدد السكان وهى نسبة عالية تغذى ديناميكية دور الشائعة السلبى.
كما أشارت إلى دور وسائل الإعلام المختلفة فى انتشار الشائعة والتضخيم من حجمها خاصة إذا كان الإعلام ركيكا ويفتقد إلى الرؤية والمهارة وهو ما عاناه الإعلام المصرى فى السنوات الماضية خاصة التليفزيون الذى ابتعد عن هموم المجتمع ومشكلاته وانصرف إلى خدمة نظام وجهه لخدمة أهدافه وأغراضه فى إلهاء المواطنين وتسطيحهم والبعد عن مخاطبة العقل والفكر.
الشائعة لعبت دورا مهما فيما آلت إليه الأحداث فى إمبابة توضح سهير لطفى وأنها باتت على قناعة بذلك عقب زيارة ميدانية قامت بها ضمن لجنة مكونة من 7 أعضاء شكلها المجلس القومى لحقوق الإنسان للوقوف على أسباب القضية ودراستها بشكل علمى وخلال الزيارة تم الاستماع إلى شهود عيان الغالبية العظمى منهم استخدمت لفظ "سمعنا"، و "قالوا لنا".
فى حين اتفق د. حسنين كشك أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية مع د. سهير لطفى حول الدور السلبى للشائعة فى المجتمعات التى تعانى الجهل والفقر مثل مصر ومدى مسئولية وسائل الإعلام المختلفة فى التضخيم من حجمها، استنكر اختزال أحداث إمبابة بالذات وملف الفتنة الطائفية فى مصر عموما فى فرضية الإشاعات واصفا ذلك بأنه استسهال للأمور.
وتساءل: هل أحداث قنا كانت نتيجة لشائعة وما حدث فى كنيسة صول بإطفيح وما سبقها من قضايا طائفية هل كانت الشائعة المحرك الرئيسى له؟. وافترض كشك أننا حتى لو سلمنا بأن ماحدث كان نتيجة شائعة لا أساس لها من الصحة هل يجوز أن تصل الأمور لهذا الحد لمجرد أن شخصا ما أو جماعة ما غير مسئولة أطلقتها ،ما حدث يمثل موقفا ثابتا لجماعة بعينها وهى "السلفيين" معلن عنه وهو أقرب إلى برنامج عمل يسيرون عليه.
حذر كشك من أن مثل هذه القضايا ستتكرر مرة أخرى، إذا لم نقف وقفة حاسمة فى التعامل معها خاصة إذا استمر اختزالها فى فرضية الشائعات موضحا أن ذلك يمثل هروبا من المسئولية القانونية والمجتمعية مشيرا إلى أن قضية الفتنة الطائفية فى مصر لن تحل بالقعدات العرفية ولا بالقبلات والأحضان بين الرموز الدينية.
أشار إلى أن ما يحدث الآن فى مصر هو بعض الثمار المرة والسيئة للنظام السابق الذى يحاول عبر إثارة الفتنة الطائفية إلى أن يتحسر المصريون على عهده وأن الثورة المصرية تتعرض الآن للإجهاض من قبل رموز النظام السابق أو ما سماها "عصابة مبارك" ودعا المصريين إلى تذكر أن ما تحقق من أهداف الثورة حتى الآن يمثل 20% من أهدافها.
ووصف ما يحدث فى مصر بأنه انحطاط ثقافي وحضاري لا يليق فقضايا مصر أكبر بكثير من كاميليا شحاتة أو بنت مسلمة أحبت شابا مسيحيا أو مسيحية تزوجت من مسلم وهو ردة لا تليق بشعب أذهل العالم برقيه خلال ثورة يناير.
د. فاروق لطيف أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس علق بأن الشائعات موجودة فى مصر منذ زمن وكانت تنشر فى شعب حى مثل الميت وكان المجتمع يتقبل ما يسمعه من شائعات ولم يكن لديه حول ولا قوة أما الآن فلديه الحول والقوة ويقوم بتجريبه.
وأشار إلى أن البلاد التى يسود فيها الجهل بصورة كبيرة ولديها ظروف إقتصادية سيئة كمصر تكون أخطر نوعية فيها أنصاف المتعلمين -أنصاف الجهلة أنصاف المتعلمين- نظرا لانعدام المنطق السليم لديهم ولذا تسود الشائعة كنتيجة طبيعية لغياب العلم وعندما يفتقد الإنسان القدرة على تكوين منطق سليم يسير خلف الشائعة ويجنح إلى تصديق غير الحقيقة.
قال: ما تعيشه مصر الآن شىء طبيعى فعندما يعيش شعب تحت ضغوط ديكتاتور مثل مبارك مارس الغش والخداع والتدليس وعامل الشعب باحتقار شديد لدرجة جعلت الناس تصل إلى قناعة بأنها لا تستحق أكثر مما هى فيه من الطبيعى أن يكون هناك عنف داخلى طفا على السطح ولا يجب التهويل من شأن ما تشهده البلاد الآن ويجب وضعه فى إطاره الطبيعى وضرورة تحرى الدقة واستعمال المنطق السليم الذى يتماشى مع وقائع الأمور.
ودعا إلى عدم حصر المسألة فى نطاق الشائعات فقط فهناك أسباب أخرى ساهمت إلى تأجيج نار الفتنة الطائفية فى إمبابة مثل حوار كاميليا شحاتة الذى سبق الوقائع وكذلك تزامن الأحداث مع الحكم على حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق ومرور 100 يوم على الثورة وكذلك مظاهرات قنا وجولة رئيس الوزراء إلى الخليج التى تستهدف جذب الاستثمار إلى مصر وكلها أسباب عوامل أرى أنها لا تصب فى مصلحة النظام السابق الذى يحاول إجهاض الثورة ولماذا لانسلم بأن ما يحدث هو إشعال لفتيل الفتنة لمصلحة مبارك ونظامه الذى استخدم منطق "فرق تسد" وكل ما يمكن أن يثير الفتنة بين جناحى الأمة.
توقع لطيف أن ما يلم الآن بمصر من أحداث سرعان ما سينتهى بمجرد انتخاب رئيس جمهورية وبرلمان منتخب بحرية يعبر عن طموحات الشعب وما يدور الآن يشبه قلق ما قبل نتيجة الامتحانات بشرط أن نتحلى بالصبر وبقدر الصبر بقدر إعمال العقل وهذا ليس ببعيد على شعب المصرى الذى يمتلك من المواهب والملكات والفكر والثروات ما يؤهله لذلك.
الاهرام
0 التعليقات:
إرسال تعليق