...وو

نحن هنا من اجلك
اذا كانت لـك اي طلبات مسـاعده اكتب لنا
ونحن سوف نتكاتف معك من اجل تحقيقها

yo

الثلاثاء، مايو 10

أشهر صانع منابر قبطي !

الوفد - كتب: أمير الصراف | الاربعاء ١١ مايو ٢٠١١



 
قــلم رصـاص وأزميل ومنشار وألواح خشب وقطع أرابيسك وبدن فارع الطول منحن وأنامل خشنة متشققة ووجه طيب .. تلك هي أدوات صناعة الوحدة الوطنية البسيطة جدا والتي ابتكرها كراس جرجس ذلك النجار القبطي البسيط الذي قضى عمره في صناعة منابر المساجد لأشقائه المسلمين .
العم " كراس " على فطرته وربما لم ينل قسطا من التعليم، حل اللغز الذي تعثر على كثيرين حله .. بادر بأدواته البسيطة بتقديم حلول لتلك الإشكالية الصعبة التي استعصى 

على كثيرين حلها وراحوا يعقدون الحلقات النقاشية في الغرف المغلقة ويديرون المساجلات والمجادلات ربما يجدوا الإجابة على السؤال وهو كيف تصنع وحدة وطنية في بلد اغترب فيه مواطنيه ؟ .
اجاب كراس جرجس بأن الحل يكمن في أن يبدأ كل شخص بنفسه فكيف تطلب من الآخرين أن يخرجوا القذى الذي في أعينهم وأنت لم تخرج بعد الخشبة التي في عينك؟.
عمنا " كراس " وهو أغلف الشفتين لا يرهق نفسه أبدا في استدعاء فصول من العلاقات الحميمة بين المسلمين والأقباط الموروثة مثلما جرت العادة عندما يتحسر الجانبان على الأيام الفائتة أو عندما يتصافى مسلم وقبطي بعد اى نزاع؛ هو يرى أننا يمكن أن نشعل شمعة بدلا من أن نلعن الظلام قد يشع نورها ولو كان بصيصا للأجيال التى نالت قسطا كبيرا من ثقافة الكراهية للآخر وإنكاره ونبذه .
"كراس " لم يضع وقته منذ 26 عاما هذا هو تاريخه المجيد في صناعة الوحدة الوطنية التي بدأها بصناعة أول منبر لمسجد أقيم بالجهود الذاتية فتبرع بأجره ليساهم مع المسلم في إقامة ذلك المسجد صنع " كراس جرجس" أول منبر منذ أن تعلم مهنة النجارة وهو بلا آي خبرات في صنعة المنابر التي تتطلب حرفية عالية ودقة في تجميع التكوينات الخشبية وخاصة في الأرابيسك الذي يحلى جانبي المنبر وكان عليه أن يتحدى نفسه ويستغل موهبته الفطرية ويوظفها في صناعة أول منبر ليس لينال التقدير المعنوي من المتبرع ببناء المسجد بعد أن تبرع بأجره إنما ليبدأ رسالته الممتدة حتى الآن رغم تقدم العمر وانحناء الظهر وآلام الحياة تلك الرسالة التي يلخصها هو ببساطة شديدة في جمل تخرج من فمه بصعوبة ودون اى زخرفة أو مبالغة " صنعة المنابر هي خدمة لربنا الجامع زيه زى الكنيسة ".
وتلك الثقافة الرائعة هي جزء من الشخصية المصرية التي نبحث عنها الآن تلك الشخصية ذات الخصوصية التي تتداخل فيها تكوينات مثل الهوية والثقافة الواحدة فالإرث الحضاري والتاريخي المصري بتنوعه كان مبدعا في إنتاج مواطنين كانوا حتى وقت قريب يشكلون تركيبية شخصية مغايرة عن سكان المنطقة العربية بأثرها ـ رغم اختلاف العقائد ـ من ناحية التسامح الديني وقبول الآخر؛ وتلك التركيبة نراها في عمنا " كراس " ليس على سبيل مسايرة الأوضاع بل هي قناعات شخصية لا يمكن أن تتبدل يوما لديه تلك القناعات هي ذاتها التي جعلت ذلك النجار القبطي يرفع صلاته إلى الله ليعيد إليه ابنه الغائب في المسجد ! .
نعم في المسجد هناك وأثناء تركيب المنبر بكى عمنا " كراس " وأغلق على نفسه الباب وصلى لكى يعود ابنه الغائب ونذر نذرا بأن يهب الثلث من أجره للمسجد الذي سيوضع فيه المنبر الذي يصنعه له وقد عاد الابن والتزم كراس بنذره هكذا يقول ويقنعنا أن المسجد عنده مثل الكنيسة كلها بيوت الله .
صنع " كراس" مئات المنابر لمئات المساجد في الصعيد وهو لا يستطيع أن يحصى عددها ولكنه يتذكر باعتزاز ذلك المنبر الفخم الذي صنعه لمسجد العارف بالله سيدي عبد الرحيم القناوي بمدينة قنا منذ سنوات والذي استغرق في صناعته 20 يوما ومع أن تلك الصنعة ترهقه في عمره هذا 65 عاما إلا انه لن يتوقف عنها ليس لأنه أصبح صانع المنابر الأشهر في الصعيد بل لإتمام رسالته التي يبعث بها من ورشته الصغيرة بمحافظة قنا.
تلك الرسالة التي تقول للاثمين الذين انتهكوا قدسية الوحدة الوطنية وراحوا يعبثون بفصولها المجيدة توقفوا.. كفا عبثا يا أولاد الافاعى تذكروا أن منكم أقباطا رضعوا من أثداء مسلمات ومسلمين رضعوا من أثداء قبطيات في مهدهم، فماذا تستفيدون لو ربحتم العالم كله وخسرنا مصر ؟ تلك هي رسالة " كراس" النجار القبطي البسيط الذي اخلص لمصريته فصار قيمة فعلية وفخرا للوحدة الوطنية .

0 التعليقات:

إرسال تعليق