كتب ديفد كيركباتريك في مقاله بنيويورك تايمز أن مخاوف أقباط مصر تعززت من مجريات الأحداث التي تمسهم بأن الثورة المصرية جعلت البلد أقل تسامحا وأخطر على الأقليات الدينية، وأن الربيع العربي بدا وكأنه فتح بابا مرحبا بالعدد المتناقص للعرب المسيحيين الذين، بعد سنوات من الشعور بالتهميش، انضموا بحماسة إلى الدعوة للديمقراطية وسيادة القانون.لكن كثيرين منهم في مصر الآن يقولون إنهم يخشون أن سقوط الدولة البوليسية قد سمح بانفجار التوترات التي طالما كانت متقدة تحت الرماد، وهو ما يمكن أن يهدد شخصية مصر والمنطقة.
وأشار الكاتب إلى موجة العنف الطائفي الأخيرة في القاهرة التي خلفت 24 قتيلا وأكثر من 200 جريح وإضرام النار في ثلاث كنائس منذ سقوط الرئيس حسني مبارك، موضحا أن هذه الأحداث قد حولت التوترات بين الأقباط والمسلمين إلى واحدة من أخطر التهديدات لاستقرار الثورة.
لكنها تشكل أيضا اختبارا حاسما لتسامح مصر والتعددية وسيادة القانون. فقد منحت الثورة القوة للأغلبية ولكنها أيضا أثارت تساؤلات جديدة عن حماية حقوق الأقلية مثل حرية العقيدة أو التعبير في وقت تخطو فيه الجماعات الإسلامية إلى الأمام لتقديم برامجها واختبار القوة السياسية.
وقال إن الجدال الدائر لا يحظى بكثير من التشجيع لكيفية معالجة النزاع الطائفي وبدلا من البحث عن أرضية مشتركة تشير كل الأطراف بأصابع اللوم للطرف الآخر بينما لا أحد تقريبا يبحث في الأسباب الأساسية للنزاع، بما في ذلك وجود إطار قانوني يعامل المسلمين والمسيحيين بطريقة مختلفة.
ونوه كيركباتريك إلى ما قاله نجيب ساويرس -وهو ملياردير قبطي علماني- إنه يفضل إقصاء الدين من القوانين تماما بنفس الطريقة التي يعمل بها الفصل الغربي بين الكنيسة والدولة، لكن الفكرة لم تلق رواجا في مصر، لأنه كما قال إن الإسلام لا يفصلهما.
ويرى الكاتب أن أكثر شرارات العنف الطائفي شيوعا تأتي من القوانين المصرية التي تعود إلى نهاية الحقبة الاستعمارية.
ويشير إلى أن بعض الأقباط يلقون باللوم على كنيستهم لاعتمادها أكثر من اللازم على مبارك. ومثلما هو نمط شائع في سوريا والعراق وأماكن أخرى، حظي زعماء الأقباط في مصر برعاية حاكمها المستبد حيث كان زعيم الكنسية القبطية البابا شنودة الثالث يقايض الدعم السياسي بالمحسوبية والحماية. وكما هو الحال في العراق بعد سقوط القائد، شعر المسيحيون هناك بأنهم انكشفوا.
وفي المقابل يلقي زعماء الكنيسة باللوم على الأصوليين الإسلاميين بأن الثورة مكنتهم وأنهم لا يريدون وجود أي قبطي في مصر، كما قال متحدث باسم الكنيسة القس أرميا عدلي.
وعلى صعيد آخر أشار الكاتب إلى أن جماعة الإخوان المسلمين عينت مسيحيا نائبا لزعيم حزبها السياسي الجديد. وقال أحد قادتها البارزين عصام العريان إن الجماعة تدعو إلى دولة مدنية وإنها تأمل تعزيز القوانين المستمدة من مبادئ الشريعة الإسلامية المشتركة بين الأديان الأخرى مثل حرية العبادة والاعتقاد والمساواة بين الناس وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية.
وختم بأنه رغم ذلك هناك كثير من الليبراليين يجادلون بأن النزاعات الطائفية تثبت أن مصر يجب أن تسن قانون حقوق دائما لحماية الحريات الدينية والشخصية قبل عقد الانتخابات التي يمكن أن تمنح السلطة لأغلبية إسلامية. وكما قال مرشح الرئاسة الليبرالي محمد البرادعي إن هذا سيزيل الإحساس بالخوف الموجود حاليا في مصر.
المصدر: نيويورك تايمز
0 التعليقات:
إرسال تعليق