تنبأ في أعماله الكاريكاتيرية الساخرة منذ سنوات بالتحول التاريخي الذي
تمر به مصر الآن في أعقاب ثورة 25 يناير؛ فهو فنان استطاع أن يوظف موهبته
وإبداعه الفني المتميز في تسليط الضوءعلى أهم القضايا التي تواجهها مصر
ليبرزها للجمهور؛
ولأن الكاريكاتير من أكثر الفنون البصرية التي تحظى بجماهيرية لذلك قرر أن يعبر بريشته وألوانه عما عجزت كتابته ونقده الكثير من الأقلام بشكل صريح، وقرر أيضا أن يستغل الرمزية في الرسم ليتحاشى تدخل مقص الرقيب في مصادرة عمله الفني.
إنه فنان الكاريكاتير المصري عمرو عكاشة الذي نجحت أعماله في أن تفرض نفسها على ساحات مواقع الإنترنت والصحف العالمية لما تميزت به من إبداع ومزج بين النقد البنّاء والكوميديا الساخرة.
وفي لقاء "بوابة الوفد" مع الفنان عمرو عكاشة يحدثنا في هذا الحوار عن دوره كفنان في مواجهة التطرف الديني والفساد وكيف يمكن للفن أن يؤثر في وعي وإدراك الجمهور للأحداث المحيطة بهم.
**كيف كانت بدايتك مع فن الكاريكاتير؟
*أحببت الرسم وعمري خمس سنوات وبدأت أرسم بسخرية ولم أكن أعلم أن هذا كاريكاتير، وكنت أجد تشجيعا كبيرا من أساتذتي بالمدرسة، وعندما كبرت بدأت أركز بشكل أكبر في حركات وتصرفات الناس، ورسمت أستاذا كان لديه حس فني عال وكان شكله كاريكاتيري إلى حد كبير؛ وعندما دخل علينا الفصل الدراسي وشاهدني أرسمه في كادرات مختلفة ضحك كثيرا من وصفي له وشجعني على ممارسة فن الكاريكاتير، وكان لهذا الموقف تأثير كبير في حياتي حيث أمدني بدفعة قوية في اتجاه الفن وتنمية موهبة الرسم الساخر لدي؛ كما أن حبي الشديد للقراءة والمعرفة منذ صغري أكسبني معلومات كثيرة ساعدت فيما بعد في تنمية موهبة التعبير عن الأحداث ونقدها بالرسم الساخر.
**هل لفن الكاريكاتير مدارس مختلفة مثل الفن التشكيلي تتأثر بها أعمال الفنان أم أنه فن حر؟
*في الأساس الكاريكاتير فن حر لا يتبع مدرسة فنية معينة، لكن الخطأ الكبير الذي يقع فيه رسامو الكاريكاتير هو تقليد فنان لرسم وخطوط فنان آخر مما يفقد الصورة شخصية راسمها، وهذا ما حرصت على تجنبه منذ بداية اهتمامي بفن الكاريكاتير؛ فمن خلال التحاقي بكلية التربية الفنية تعلمت المنهج الأمريكي في الرسم والذي يعتمد على توسيع مدارك الفنان وحثه على مشاهدة كل أنواع الرسوم مما يخلق بداخله شخصية وهوية خاصة تميزه عن غيره.
كما تأثرت كثيرا بالفنان مصطفى حسين وطوغان بالإضافة إلى الكثير من الرسامين الأجانب؛ لكن في النهاية عندما بدأت أرسم كان لأعمالي الفنية سمات خاصة تختلف عن أعمال غيري من الفنانين.
**وكيف تقيم واقع فن الكاريكاتير في مصر؟
*أراه الآن أكثر انتشارًا وتأثيرًا عن السابق على الرغم من أن في السابق كان هناك عمالقة في فن الكاريكاتير أمثال طوغان وزهدي العدوي ومصطفى حسين، ومن أهم أسباب هذا الانتشار العولمة والتكنولوجيا الحديثة؛ كما كانت بداية هذا الانتشار في نهاية السبعينيات عندما جعل الفنان مصطفى حسين من فن الكاريكاتير يصل للمواطن البسيط؛ وفي نهاية التسعينيات اتسعت قاعدته بشكل أكبر ووصل أيضا إلى الأطفال وفئات لم تكن تهتم به من قبل.
**وكيف يتعامل فنان الكاريكاتير مع الرقابة التي تمارس على أعماله؟
*تمارس أنواع كثيرة من الرقابة على رسام الكاريكاتير إلا أن تلك الرقابة لا تقف حائلا أمامه إذا أراد التعبير عن قضية ما وذلك من خلال لجوئه إلى الترميز في رسومه.
**هل ساهمت ثورة 25 يناير في الحد من الرقابة على أعمال رسامي الكاريكاتير؟
* قيود الرقابة كانت تمارس وفقا للجريدة التي يعمل بها رسام الكاريكاتير فقبل الثورة كانت هناك صحف تعطي كل الحرية للفنان يتناول ما يريد من أحداث ويعبر كيفما يشاء وصحف أخرى كانت تصادر على أفكار الفنان من البداية، لكن لكل شيء ايجابياته وسلبياته فبعد ثورة يناير تحول الكثير من انتقاد سياسات الأشخاص واتجهوا الى الاستهزاء بالشخص نفسه وإهانته وسبه من خلال رسم كاريكاتيري وبذلك يخرج العمل الفني عن موضوعيته وهدفه الرئيسي.
**وهل واجهتك مشاكل بسبب عمل معين رسمته؟
*في البداية عملت بشكل احترافي وبدأ ينشر لي بشكل يومي لكن لم يكن لدي خبرة كافية للتعامل مع الأمر؛ وفي عام 1996 رُفعت ضدي أول قضية من الدكتور عبد المنعم عمارة وبعدها رفع ضدي المستشار ماهر الجندي قضية أخرى ومن بعدها بدأت ألجأ إلى الرمزية.
**ما قصة جروب معًا لحماية عمرو عكاشة؟
*عملت لفترة بجريدة الدستور وفي أحد الأيام وجدت رسالة تهديد بالقتل لي ولأسرتي وعندما بحثت في رسوماتي وجدت شخصيات سياسية كثيرة ورجال أعمال انتقدتهم بسخرية؛ وحتى الآن لا أعلم من أسس جروب الدفاع عني عالفيس بوك .
**وكيف أثر هذا التهديد على عملك؟
*لم أخف وأكملت عملي بشكل طبيعي لكن هذا التهديد جعلني ألجأ إلى الترميز في أعمالي وانتقاء التوقيت المناسب وزاوية التناول في الرسم؛ وعندما انتقدت في أعمالي أصحاب الاتجاهات الدينية المتشددة هوجمت بشدة لذلك نقلت معركتي للخارج وبدأت انشر أعمالي الكاريكاتيرية خارج مصر وأوجه رسالتي للغرب لأظهر لهم أن المتشددين لا يمثلون الإسلام إنما يمثلون أطماعهم ورغباتهم الخاصة فقط.
**لكن البعض قد يفسر ذلك بأنه تشويه لصورة مصر والمسلمين في عيون الغرب ؟
*أنتقد في أعمالي الكاريكاتيرية المتطرف وليس المسلم؛ وذلك يظهر بوضوح فيما أرسمه، كما أنهم في الغرب يخلطون بين المسلم والمتطرف لما يروه من بعض النماذج السيئة التي يقال عنها إنها تمثل الإسلام؛ لذلك كان عليّ أن أعبر من خلال رسمي أن الإسلام دين سماحة ويسر ونحن أنفسنا غير راضين عن تلك النماذج المتطرفة دينيًا التي تدعي أنها تمثل الإسلام.
**وكيف جاء رد فعل فناني الكاريكاتير المصريين عندما رسم الرسول(ص) بصورة مسيئة من قبل فنان دانماركي منذ سنوات؟
*في البداية كان هناك رد فعل رافض من قبل الجمعية المصرية لرسامي الكاريكاتير؛ وبعد التفكير والقراءة في ثقافة الآخرين وجدت أن الكثير من المسلمين بالخارج هم أول من أساءوا للإسلام وقدموا صورة سيئة عن الشخص المسلم من خلال تصرفاتهم؛ وعندما سافرت خارج مصر صدمت عندما رأيت بعيني أن المسلم في نظرهم شخص متطرف وإرهابي؛ لذلك أدعو الناس إلى أن تضع أنفسها مكان الآخر أولا ثم نفكر في الأسباب التي تدفعهم للاعتقاد بأننا بتلك البشاعة، فهؤلاء الناس من السهل جدا التفاهم معهم واقناعهم وتعديل تلك الصورة المشوهة التي يرون بها المسلمين الإسلام .
**وكيف يمكن تحسين تلك الصورة السيئة من خلالكم أنتم ؟
*أرى أن الكاريكاتير بمثابة الحلو الذي يقدم بعد الوجبة الأساسية؛ فالكثير ممن يسافرون إلى الدول الغربية يعطون صورة سيئة عن العرب والمسلمين، وأعتقد إذا أتقنوا عملهم بشكل جيد كما أمرنا الإسلام والتزموا بالقوانين هناك سيكون ذلك الخطوة الأولى لتحسن صورتنا بالخارج ومن بعد ذلك يأتي دورنا نحن كدول عربية مسلمة علينا أن نرتقي بمستوانا الفكري والأخلاقي لنعبر عن أنفسنا بشكل جيد ولا نسمح للآخر أن يعبر عنا بتلك الطريقة .
**للفنان عمرو عكاشة تجارب مع الكتابة للأطفال في سلسلة الناشط علي؛ كيف كانت تلك التجربة؟
*هي عبارة عن سلسلة قصص إرشادية للأطفال تهدف إلى تعليم الطفل حقوق الإنسان والهدف منها أن يعرف الطفل ما هي حقوقه وكيف يدافع عنها؛ وعندما طرحت عليّ هذه الفكرة تحمست كثيرا لأننا للأسف نشأنا دون أن نعلم حقوقنا بالشكل الذي ينبغي أن يكون، لذلك تحمست في أن أشارك في تقديم شرح مبسط لحقوق الإنسان من خلال سلسة الناشط علي.
**وماذا عن كتابك الساخر مذكرات زوج مقهور وزوجة مخنوقة؟
*أحب كثيرا القراءة في الكتب الساخرة خاصة للكاتب أحمد رجب والكاتب يوسف عوف، وتجربتي في الكتابة الساخرة كانت تجربة فريدة من نوعها لأنني منذ صغري كنت أجد نفسي في مواقف لحل المشاكل الزوجية ويُطلب مني حلها والتوفيق بين الزوجين المختلفين، وذلك أثّر في شخصيتي بشكل تراكمي مما دفعني إلى كتابة وسرد القصص عن مواقف حقيقية بالفعل مررت بها في حياتي.
**حدثنا عن سلطنة بورنجا التي تنبأت فيها بالكثير من الأحداث التي نشهدها الآن؟
*سلطنة بورنجا كانت نموذجا مصغّرا من مصر قبل الثورة، وكانت تنشر في جريدة الدستور، والهدف منها الإسقاط على نظام مبارك مثل السلطان مارينجوس الذي كان المقصود به مبارك وابنه الأمير كهرمان جمال مبارك والقيصر وكبير البصاصين واللهو الخفي ...وغيرها من الشخصيات التي كانت توازي شخصيات موجودة في الواقع، ثم أدخلت على السلطنة شخصيات مختلفة كانت تعبر هي الآخرى عن رجال الأعمال والوزراء.
**وكيف تمكنت من رسم قانون مباشرة الحقوق السياسية؟
*قانون مباشرة الحقوق السياسية قانون صعب جدا ومن الصعب على البعض فهمه لما به من تفاصيل دقيقة وصعبة، وكان هدفي من رسم بعض مواده تسهيل فكرته وتوصيلها لأكبر قدر من الجمهور، ومن هنا بدأت بالفعل أرسم بشكل رمزي وإرشادي لما تتضمنه بعض مواد هذا القانون.
**هل ترى أن فن الكاريكاتير في مصر نجح في الوصول إلى العالمية؟
*هناك محاولات للوصول للمستوى العالمي؛ لكن تظل عقبة البحث عن مصدر الرزق والدخل هي العقبة الرئيسية التي تواجه الفنانين عموما في مصر؛ ففي أوروبا الرسام يقدر ماليا بالشكل الكافي الذي يجعله يتفرغ للفن، لكن في مصر الوضع مختلف فالمقابل المادي لرسوم الكاريكاتير لا تكفي الفنان ولذلك يسعى الفنان للعمل في أكثر من مكان حتى يوفر ما يكفيه من هنا لا يتوفر له الوقت الكافي للتفكير والإبداع حتى يخرج أعمالا يمكن أن تنافس الأعمال العالمية.
**وكيف ترى مستقبل فن الكاريكاتير في مصر الفترة القادمة؟
أتوقع أن يكون مستقبله جيد خاصة أن بمصر العديد من الموهوبين، لكن على فناني الكاريكاتير خاصة الشباب أن يعوا جيدا أن الكاريكاتير ليس للتسلية والترفيه فقط إنما هو فن بإمكانه توجيه وإصلاح المجتمع من خلال ما يعبر عنه من أحداث وقضايا مهمة، لذلك ليس عليهم أن يعتمدوا على الإيفيه الضاحك فقط في الرسم لكن التعبير عن الأحداث بشكل أكثر فاعلية.
الوفد
ولأن الكاريكاتير من أكثر الفنون البصرية التي تحظى بجماهيرية لذلك قرر أن يعبر بريشته وألوانه عما عجزت كتابته ونقده الكثير من الأقلام بشكل صريح، وقرر أيضا أن يستغل الرمزية في الرسم ليتحاشى تدخل مقص الرقيب في مصادرة عمله الفني.
إنه فنان الكاريكاتير المصري عمرو عكاشة الذي نجحت أعماله في أن تفرض نفسها على ساحات مواقع الإنترنت والصحف العالمية لما تميزت به من إبداع ومزج بين النقد البنّاء والكوميديا الساخرة.
وفي لقاء "بوابة الوفد" مع الفنان عمرو عكاشة يحدثنا في هذا الحوار عن دوره كفنان في مواجهة التطرف الديني والفساد وكيف يمكن للفن أن يؤثر في وعي وإدراك الجمهور للأحداث المحيطة بهم.
**كيف كانت بدايتك مع فن الكاريكاتير؟
*أحببت الرسم وعمري خمس سنوات وبدأت أرسم بسخرية ولم أكن أعلم أن هذا كاريكاتير، وكنت أجد تشجيعا كبيرا من أساتذتي بالمدرسة، وعندما كبرت بدأت أركز بشكل أكبر في حركات وتصرفات الناس، ورسمت أستاذا كان لديه حس فني عال وكان شكله كاريكاتيري إلى حد كبير؛ وعندما دخل علينا الفصل الدراسي وشاهدني أرسمه في كادرات مختلفة ضحك كثيرا من وصفي له وشجعني على ممارسة فن الكاريكاتير، وكان لهذا الموقف تأثير كبير في حياتي حيث أمدني بدفعة قوية في اتجاه الفن وتنمية موهبة الرسم الساخر لدي؛ كما أن حبي الشديد للقراءة والمعرفة منذ صغري أكسبني معلومات كثيرة ساعدت فيما بعد في تنمية موهبة التعبير عن الأحداث ونقدها بالرسم الساخر.
**هل لفن الكاريكاتير مدارس مختلفة مثل الفن التشكيلي تتأثر بها أعمال الفنان أم أنه فن حر؟
*في الأساس الكاريكاتير فن حر لا يتبع مدرسة فنية معينة، لكن الخطأ الكبير الذي يقع فيه رسامو الكاريكاتير هو تقليد فنان لرسم وخطوط فنان آخر مما يفقد الصورة شخصية راسمها، وهذا ما حرصت على تجنبه منذ بداية اهتمامي بفن الكاريكاتير؛ فمن خلال التحاقي بكلية التربية الفنية تعلمت المنهج الأمريكي في الرسم والذي يعتمد على توسيع مدارك الفنان وحثه على مشاهدة كل أنواع الرسوم مما يخلق بداخله شخصية وهوية خاصة تميزه عن غيره.
كما تأثرت كثيرا بالفنان مصطفى حسين وطوغان بالإضافة إلى الكثير من الرسامين الأجانب؛ لكن في النهاية عندما بدأت أرسم كان لأعمالي الفنية سمات خاصة تختلف عن أعمال غيري من الفنانين.
**وكيف تقيم واقع فن الكاريكاتير في مصر؟
*أراه الآن أكثر انتشارًا وتأثيرًا عن السابق على الرغم من أن في السابق كان هناك عمالقة في فن الكاريكاتير أمثال طوغان وزهدي العدوي ومصطفى حسين، ومن أهم أسباب هذا الانتشار العولمة والتكنولوجيا الحديثة؛ كما كانت بداية هذا الانتشار في نهاية السبعينيات عندما جعل الفنان مصطفى حسين من فن الكاريكاتير يصل للمواطن البسيط؛ وفي نهاية التسعينيات اتسعت قاعدته بشكل أكبر ووصل أيضا إلى الأطفال وفئات لم تكن تهتم به من قبل.
**وكيف يتعامل فنان الكاريكاتير مع الرقابة التي تمارس على أعماله؟
*تمارس أنواع كثيرة من الرقابة على رسام الكاريكاتير إلا أن تلك الرقابة لا تقف حائلا أمامه إذا أراد التعبير عن قضية ما وذلك من خلال لجوئه إلى الترميز في رسومه.
**هل ساهمت ثورة 25 يناير في الحد من الرقابة على أعمال رسامي الكاريكاتير؟
* قيود الرقابة كانت تمارس وفقا للجريدة التي يعمل بها رسام الكاريكاتير فقبل الثورة كانت هناك صحف تعطي كل الحرية للفنان يتناول ما يريد من أحداث ويعبر كيفما يشاء وصحف أخرى كانت تصادر على أفكار الفنان من البداية، لكن لكل شيء ايجابياته وسلبياته فبعد ثورة يناير تحول الكثير من انتقاد سياسات الأشخاص واتجهوا الى الاستهزاء بالشخص نفسه وإهانته وسبه من خلال رسم كاريكاتيري وبذلك يخرج العمل الفني عن موضوعيته وهدفه الرئيسي.
**وهل واجهتك مشاكل بسبب عمل معين رسمته؟
*في البداية عملت بشكل احترافي وبدأ ينشر لي بشكل يومي لكن لم يكن لدي خبرة كافية للتعامل مع الأمر؛ وفي عام 1996 رُفعت ضدي أول قضية من الدكتور عبد المنعم عمارة وبعدها رفع ضدي المستشار ماهر الجندي قضية أخرى ومن بعدها بدأت ألجأ إلى الرمزية.
**ما قصة جروب معًا لحماية عمرو عكاشة؟
*عملت لفترة بجريدة الدستور وفي أحد الأيام وجدت رسالة تهديد بالقتل لي ولأسرتي وعندما بحثت في رسوماتي وجدت شخصيات سياسية كثيرة ورجال أعمال انتقدتهم بسخرية؛ وحتى الآن لا أعلم من أسس جروب الدفاع عني عالفيس بوك .
**وكيف أثر هذا التهديد على عملك؟
*لم أخف وأكملت عملي بشكل طبيعي لكن هذا التهديد جعلني ألجأ إلى الترميز في أعمالي وانتقاء التوقيت المناسب وزاوية التناول في الرسم؛ وعندما انتقدت في أعمالي أصحاب الاتجاهات الدينية المتشددة هوجمت بشدة لذلك نقلت معركتي للخارج وبدأت انشر أعمالي الكاريكاتيرية خارج مصر وأوجه رسالتي للغرب لأظهر لهم أن المتشددين لا يمثلون الإسلام إنما يمثلون أطماعهم ورغباتهم الخاصة فقط.
**لكن البعض قد يفسر ذلك بأنه تشويه لصورة مصر والمسلمين في عيون الغرب ؟
*أنتقد في أعمالي الكاريكاتيرية المتطرف وليس المسلم؛ وذلك يظهر بوضوح فيما أرسمه، كما أنهم في الغرب يخلطون بين المسلم والمتطرف لما يروه من بعض النماذج السيئة التي يقال عنها إنها تمثل الإسلام؛ لذلك كان عليّ أن أعبر من خلال رسمي أن الإسلام دين سماحة ويسر ونحن أنفسنا غير راضين عن تلك النماذج المتطرفة دينيًا التي تدعي أنها تمثل الإسلام.
**وكيف جاء رد فعل فناني الكاريكاتير المصريين عندما رسم الرسول(ص) بصورة مسيئة من قبل فنان دانماركي منذ سنوات؟
*في البداية كان هناك رد فعل رافض من قبل الجمعية المصرية لرسامي الكاريكاتير؛ وبعد التفكير والقراءة في ثقافة الآخرين وجدت أن الكثير من المسلمين بالخارج هم أول من أساءوا للإسلام وقدموا صورة سيئة عن الشخص المسلم من خلال تصرفاتهم؛ وعندما سافرت خارج مصر صدمت عندما رأيت بعيني أن المسلم في نظرهم شخص متطرف وإرهابي؛ لذلك أدعو الناس إلى أن تضع أنفسها مكان الآخر أولا ثم نفكر في الأسباب التي تدفعهم للاعتقاد بأننا بتلك البشاعة، فهؤلاء الناس من السهل جدا التفاهم معهم واقناعهم وتعديل تلك الصورة المشوهة التي يرون بها المسلمين الإسلام .
**وكيف يمكن تحسين تلك الصورة السيئة من خلالكم أنتم ؟
*أرى أن الكاريكاتير بمثابة الحلو الذي يقدم بعد الوجبة الأساسية؛ فالكثير ممن يسافرون إلى الدول الغربية يعطون صورة سيئة عن العرب والمسلمين، وأعتقد إذا أتقنوا عملهم بشكل جيد كما أمرنا الإسلام والتزموا بالقوانين هناك سيكون ذلك الخطوة الأولى لتحسن صورتنا بالخارج ومن بعد ذلك يأتي دورنا نحن كدول عربية مسلمة علينا أن نرتقي بمستوانا الفكري والأخلاقي لنعبر عن أنفسنا بشكل جيد ولا نسمح للآخر أن يعبر عنا بتلك الطريقة .
**للفنان عمرو عكاشة تجارب مع الكتابة للأطفال في سلسلة الناشط علي؛ كيف كانت تلك التجربة؟
*هي عبارة عن سلسلة قصص إرشادية للأطفال تهدف إلى تعليم الطفل حقوق الإنسان والهدف منها أن يعرف الطفل ما هي حقوقه وكيف يدافع عنها؛ وعندما طرحت عليّ هذه الفكرة تحمست كثيرا لأننا للأسف نشأنا دون أن نعلم حقوقنا بالشكل الذي ينبغي أن يكون، لذلك تحمست في أن أشارك في تقديم شرح مبسط لحقوق الإنسان من خلال سلسة الناشط علي.
**وماذا عن كتابك الساخر مذكرات زوج مقهور وزوجة مخنوقة؟
*أحب كثيرا القراءة في الكتب الساخرة خاصة للكاتب أحمد رجب والكاتب يوسف عوف، وتجربتي في الكتابة الساخرة كانت تجربة فريدة من نوعها لأنني منذ صغري كنت أجد نفسي في مواقف لحل المشاكل الزوجية ويُطلب مني حلها والتوفيق بين الزوجين المختلفين، وذلك أثّر في شخصيتي بشكل تراكمي مما دفعني إلى كتابة وسرد القصص عن مواقف حقيقية بالفعل مررت بها في حياتي.
**حدثنا عن سلطنة بورنجا التي تنبأت فيها بالكثير من الأحداث التي نشهدها الآن؟
*سلطنة بورنجا كانت نموذجا مصغّرا من مصر قبل الثورة، وكانت تنشر في جريدة الدستور، والهدف منها الإسقاط على نظام مبارك مثل السلطان مارينجوس الذي كان المقصود به مبارك وابنه الأمير كهرمان جمال مبارك والقيصر وكبير البصاصين واللهو الخفي ...وغيرها من الشخصيات التي كانت توازي شخصيات موجودة في الواقع، ثم أدخلت على السلطنة شخصيات مختلفة كانت تعبر هي الآخرى عن رجال الأعمال والوزراء.
**وكيف تمكنت من رسم قانون مباشرة الحقوق السياسية؟
*قانون مباشرة الحقوق السياسية قانون صعب جدا ومن الصعب على البعض فهمه لما به من تفاصيل دقيقة وصعبة، وكان هدفي من رسم بعض مواده تسهيل فكرته وتوصيلها لأكبر قدر من الجمهور، ومن هنا بدأت بالفعل أرسم بشكل رمزي وإرشادي لما تتضمنه بعض مواد هذا القانون.
**هل ترى أن فن الكاريكاتير في مصر نجح في الوصول إلى العالمية؟
*هناك محاولات للوصول للمستوى العالمي؛ لكن تظل عقبة البحث عن مصدر الرزق والدخل هي العقبة الرئيسية التي تواجه الفنانين عموما في مصر؛ ففي أوروبا الرسام يقدر ماليا بالشكل الكافي الذي يجعله يتفرغ للفن، لكن في مصر الوضع مختلف فالمقابل المادي لرسوم الكاريكاتير لا تكفي الفنان ولذلك يسعى الفنان للعمل في أكثر من مكان حتى يوفر ما يكفيه من هنا لا يتوفر له الوقت الكافي للتفكير والإبداع حتى يخرج أعمالا يمكن أن تنافس الأعمال العالمية.
**وكيف ترى مستقبل فن الكاريكاتير في مصر الفترة القادمة؟
أتوقع أن يكون مستقبله جيد خاصة أن بمصر العديد من الموهوبين، لكن على فناني الكاريكاتير خاصة الشباب أن يعوا جيدا أن الكاريكاتير ليس للتسلية والترفيه فقط إنما هو فن بإمكانه توجيه وإصلاح المجتمع من خلال ما يعبر عنه من أحداث وقضايا مهمة، لذلك ليس عليهم أن يعتمدوا على الإيفيه الضاحك فقط في الرسم لكن التعبير عن الأحداث بشكل أكثر فاعلية.
الوفد
0 التعليقات:
إرسال تعليق