جاء البيان الصادر من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية عن قداسة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والذى نشرته بعض الصحف يؤكد فيه أنه ليس لديه مستشارون فى مصر وأن رجل الأعمال القبطى المعروف هانى عزيز ليس مستشاراً له ليضع حداً لادعاءات الكثيرين بأنهم مستشارون للبابا الذى يؤكد دائماً فى جميع لقاءاته أنه المتحدث الرسمى الوحيد باسم الكنيسة وأنه لا أحد يتحدث نيابة عنه.
البيان كان مفاجأة للرأى العام خاصة الشارع القبطى سواء فى توقيت صدوره أو بالنسبة للشخص الذى استهدفه البيان. فمن حيث التوقيت فالبابا مازال فى رحلة علاجية بمستشفى «كليفلاند كلينك» بالولايات المتحدة الأمريكية وإصدار بيان بهذه الصورة وعلى هذا الوجه من السرعة يستدعى وقوع أمر جلل كان لابد من إجراء حاسم لمواجهته.
أما بالنسبة للشخص المقصود من البيان فإنه رجل أعمال مرموق وأحد المقربين من قداسة البابا شنودة حيث كان يحضر معظم لقاءاته مع رجال الدولة وحتى بعض سفراء الدول الأجنبية خاصة أن عزيز كان عضواً بارزاً بالحزب الوطنى المنحل، وكان الجميع يعتقد أنه بالفعل مستشارا للبابا خصوصاً أن صلته بالكنيسة والحزب رأى البعض أنها تساهم فى حل المشكلات التى تظهر بين الحين والآخر بين الكنيسة والنظام أو أن هذه الصلة تساعد على تقريب وجهات النظر.
والحق يقال فإن الرجل لم يدع يوماً أنه مستشارو للبابا، كما أن الأخير لم ينف ذلك أيضا وإن كان دائماً يؤكد أنه ليس لديه مستشارون واستمر الوضع حتى بعد الثورة خاصة مع حضور عزيز جميع اللقاءات والمناقشات التى جرت عقب الحوادث الطائفية التى شهدتها مصر مؤخراً وبدا الأمر بالفعل كأنه أحد ممثلى الكنيسة فى هذه الاجتماعات حتى ولو كان تمثيلا غير رسمى.
ويبدو أن تلك الاجتماعات أيضاً كانت السبب فى بيان البابا خاصة بعد لقاءات جمعت عزيز مع بعض أقطاب السلفيين وخروج تصريحات منسوبة إليه- نفاها بعد ذلك- بأنه يعمل على عقد لقاء بين أحد شيوخ السلفيين وكاميليا شحاته ليتأكد السلفيون من أنها مازالت على إيمانها المسيحى فى محاولة لنزع فتيل أزمة كاميليا، وتصريحات أخرى عن موافقة الكنيسة عما جاء فى اجتماع لجنة عين شمس وهو أيضاً مالم يثبت أن عزيز أعلنه، ولكن يبدو أن البابا أراد أن يضع حداً لكل الأقاويل والتصريحات التى يعتبرها البعض كأنها صادرة عن الكنيسة على خلاف الحقيقة ولم ينتظر حتى رجوعه إلى مصر وأصدر البيان الذى أنهى المسألة من جذورها ليس فقط بالنسبة لعزيز ولكن أيضاً بالنسبة لكثيرين.
فالعجيب أن هناك الكثير من الشخصيات القبطية العامة التى تلصق بها وسائل الإعلام صفة مستشارين للبابا - على خلاف الحقيقة - لمجرد ارتباطهم بالكنيسة او تصادف حضورهم اجتماعات أو لقاءات كان البابا متواجداً فيها وعلى الرغم من نفى البابا المتكرر وجود مستشارين يتحدثون باسمه فإن المسألة ازدادت خاصة مع الحوادث الطائفية الأخيرة.
ولم يكن عزيز أول من يلحق باسمه صفة مستشار البابا فهناك المستشار نجيب جبرائيل وكثير من المحامين الذين يرفعون قضايا عديدة للدفاع عن الأقباط ويعتبرهم الجميع مستشارين للبابا سواء ادعى بعضهم ذلك من تلقاء أنفسهم أو أن الصحافة أعطتهم هذا اللقب ولكنهم بالطبع لم ولن يرفضوا هذا الشرف.
تساؤلات حائرة
والقضية كلها تثير مجموعة من التساؤلات المحيرة لعل اهمها لماذا لا يعين البابا شخصاً مسئولاً سواء كان من رجال الكنيسة أو حتى علمانى يكون متحدثاً رسمياً باسم الكنيسة؟بحيث ترجع إليه وسائل الإعلام كلما دعت الحاجة لمعرفة رأى الكنيسة أو صحة معلومات معينة تخرج منها أو عنها كما هو الحال فى كل المؤسسات الرسمية سواء فى الخارج أو الداخل حتى المؤسسات الدينية كالفاتيكان أو الأزهر الشريف أو الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية وبالتالى يقطع الطريق أمام أى شخص يحاول استغلال اسم البابا فى تحقيق مصالحه الخاصة واكتساب شهرة زائفة وفى نفس الوقت سوف يؤدى هذا الاقتراح لإراحة الصحف ووسائل الإعلام التى تلهث وراء أخبار الكنيسة وبالطبع فإن صفة مستشار البابا التى تلصقها بالضيف أو المصدر سترفع من قيمة الموضوع أو البرنامج وفى نفس الوقت لن يعترض الضيف على اللقب سواء خجلاً أو قصداً ومرة تلو أخرى يصبح بالفعل لقبا رسميا وسط صمت مطبق كالعادة من الكنيسة وهو ما أدى إلى أن أصبح الجميع مستشارين للبابا سواء بإرادتهم أو رغما عنهم.
مستشارون بأعينهم
كذلك لماذا لا تحدد الكاتدرائية أو المجلس الملى مستشاريين بأعينهم يؤخذ رأيهم فى القضايا المرفوعة من الكنيسة أو ضدها؟ مثل قضايا الطلاق والزواج الثانى بدلاً من ادعاءات كثيرمن المحامين أنهم محامون عن الكنيسة فى هذه القضايا وسط صمت الكنيسة.
من جانبه أكد المستشار نجيب جبرائيل أن الجميع يحترم قرار البابا بأنه ليس له مستشارون مضيفاً اننا نؤيد هذا البيان ونؤكده فى نفس الوقت إلا انه لابد أن نفهم انه لايمكن ان يظلم الجميع أو يتم وضعهم فى سلة واحدة. فعلى سبيل المثال وسائل الإعلام كثيراً ما تكتب عن أننى مستشار للكنيسة على رغم نفيى ذلك تماماً خاصة فى الفضائيات فكثيراً ما أفاجأ بأن المكتوب على التتر أننى مستشار للكنيسة والعجيب أنه ليس لى دخل مطلقاً بهذا الموضوع وعلى الرغم من اعتراضى على ذلك.
ويشير جبرائيل إلى أنه يجب على الكنيسة لحل هذه المشكلة أن تحدد بصفة قاطعة مفهوم كلمة مستشار وأيضاً المقصود بالكنيسة فهل المقصود بها شخص البطريركية فقط؟ أم المقصود الأساقفة وهم 120 أسقفا أم القساوسة أم مجالس الكنائس أم المصلون فعلى سبيل المثال هناك العشرات من الأساقفة والقساوسة يستشيروننى يومياً فى أمور قانونية وحقوقية سواء شفاهية أو مكتوبة خاصة بالكنيسة وأمور أخرى مثل مبانى الكنيسة وقضايا الطلاق والزواج واختفاء البنات المسيحيات فلا استطيع ان أمتنع عن الاجابة فكيف أفسر هذا الموقف؟!
وأضاف جبرائيل أن كثيرا من الصحف تشير إلىاننى مستشار للكنيسة وأنا اعترض على هذا ولكن كيف أوصل اعتراضى هذا خاصة بعد نشر الخبر؟
وفى بعض البرامج الفضائية عندما يشير المذيع إلى أننى مستشار للكنيسة أعترض وأحاول أن ألفت نظره إلى أننى لست مستشار الكنيسة وهذا ما حدث بالفعل فى برنامج القاهرة اليوم مع المذيع عماد أديب والمذيع جمال عنايت وأيضاً فى برنامج الحقيقة على قناة دريم مع المذيع وائل الابراشى حتى فى القنوات الاجنبية فقد تكرر الحدث معى فى ال BBC ونفيت وقتها أننى مستشار الكنيسة.
وشدد جبرائيل على أنه يجب على الكنيسة أن تحدد ما معنى كلمة مستشار؟وهل هناك حاجة أن يكون هناك قرار صادر من البابا بهذا اللقب أم لا؟ وهل موضوع الاستشارة يقتصر على البطريركية فقط أم جميع الاسقفيات؟!.
عموماً يحسب لعزيز أنه استقبل بيان البابا بهدوء وطاعة وتامين ورغم رفضه الحديث لوسائل الإعلام إلا أنه أكد على أبوة البابا وحنانه، مشيراً إلى أنه لم يدع فى يوم من الأيام أنه مستشار للبابا وأن الصحافة هى التىالصقت به هذه الصفه التى رفضها فى أكثر من حديث صحفى.
أكتوبر
0 التعليقات:
إرسال تعليق