الحلقه الاولي
فيما يواجه الرئيس المصري السابق حسني مبارك ورموز نظامه عدة تهم، يعتبر قتل المتظاهرين عمداً مع سبق الإصرار والترصد، التهمة الأخطر. وحصلت ايلاف على نسخة من تحقيقات النيابة العامة مع وزير الداخلية السابق حبيب العادلي الذي بدا سيد التناقضات من حيث إعلان عدد القتلى واسباب وفاتهم وتوصيف وضع الشرطة والمتظاهرين.
العادلي: لا أعرف أسباب وفاة متظاهري 25 يناير حتى الآن
ـ قتلى التظاهرات 5 أو 6 أشخاص فقط
ـ قوات الشرطة لم تكن تحمل ذخيرة حية
ـ البدو والمجرمون هم من فتحوا السجون
ـ القوات عانت الجوع والإخوان جهزوا أطعمة للمحتجين
القاهرة: كانت انتهاكات الشرطة المصرية لحقوق الإنسان سبباً رئيساً لتفجّر الثورة المصرية في 25 من شهر يناير الماضي، حيث إنطلقت الدعوة اليها من صفحة "كلنا خالد سعيد" على موقع الفايس بوك الشهير، وهو شاب لقي مصرعه نتيجة التعذيب على أيدي أفراد ينتمون إلى الشرطة. وجاء التعامل بوحشية وعنف مفرط مع المتظاهرين ما أدى إلى مقتل 823 شخصاً، وإصابة نحو سبعة آلاف آخرين، ليؤكد أن الإنتهاكات هي الأساس، و ما عداها هو الإستثناء.
بعد نجاح الثورة في الإطاحة بنظام حكم الرئيس مبارك البوليسي، بدأت محاكمة رموزه في إتهامات تتعلق بالفساد، وتضخم الثروة، غير أن قتل المتظاهرين عمداً مع سبق الإصرار والترصد، يعتبر أخطر تلك الإتهامات، ويأتي الرئيس السابق حسني مبارك و اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق على رأس قائمة المتهمين، يليه قيادات وزارته، الذين يحاكمون حالياً في تلك القضية أمام محكمة جنايات القاهرة.
"إيلاف" حصلت على نسخة من تحقيقات النيابة العامة مع العادلي، وتنشرها في حلقتين مشفوعتين بتحليل قانوني وسياسي لأقواله، التي بدا واضحاً من القراءة الأولى لها أنها تحمل في طياتها الكثير من التناقضات، ففي الوقت الذي يقول فيه، إن عدد القتلى لا يتجاوز خمسة أو ستة قتلى، وأنه لا يعرف حتى الآن أسباب وفاتهم، يتهم ضباطه بمخالفة تعليماته وإطلاق النار على المتظاهرين في شتى المحافظات.
لا أعرف أسباب وفاة المتظاهرين
رغم سقوط جميع الضحايا باستخدام الرصاص الحي أو الدهس بالسيارات، إلا أن وزير الداخلية السابق أصر على أن جميع القوات التي كانت مكلفة بالتعامل مع التظاهرات لم تكن تحمل أية أسلحة أو ذخائر. ورغم أن عدد الشهداء يبلغ 823 شهيداً، بالإضافة إلى نحو سبعة آلاف مصاب، إلا أنه زعم أن عدد القتلى لا يتجاوز خمسة أشخاص، حيث قال رداً على سؤال حول تسليح القوات "جميع التشكيلات لا تحمل أي ذخيرة حية عند مواجهة التجمعات والتظاهرات".
وعندما سألته النيابة عن معلوماته بشأن الوفيات في صفوف المواطنين برصاص الشرطة، يوم جمعة الغضب بتاريخ 28 يناير الماضي، قال: "أنا لم أعلم بحالات وفاة بين المتظاهرين، إلا أربع حالات في مدينة السويس وحالة أو حالتين في ميدان التحرير فقط، و لا أعرف كيف حدثت الوفاة وما سببها والى الآن لا أعرف."
ولما سألته النيابة: ألم يصل الى علمك من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة أن هناك أحداث وفاة واصابات حدثت في جميع أماكن التظاهرات على مستوى الجمهورية؟ قال: "لا، وأنا كل معلوماتي كنت أستقيها من مساعدي الوزير لأنه ليس عندي وقت لأتابع وسائل الإعلام. و كانت المعلومات للإحاطة بتطور الاحداث داخل ميادين التظاهرات على مستوى الجمهورية، وعدد الاصابات بالنسبة اليهم وعدد المتوفين من رجال الشرطة والذين بلغوا حسبما أخطرت حوالى خمسة على ما أذكر ثلاثة أشخاص، أثناء محاولة اقتحام مبني الوزارة، وإثنان في ميدان التحرير. أما ماعدا ذلك فلم أخطر بأي شيء إلا وفاة عدد من المسجونين أثناء هروبهم من السجن في المحافظات المختلفة، بالإضافة الى واقعة أخرى أخطرت بها من مساعد الوزير للأمن العام ومساعد الوزير لأمن الدولة وتفيد بأن أحد لصوص السيارات من الذين اشتركوا في التظاهر قام بسرقة سيارة من جراج السفارة الأميركية امام مجمع التحرير يوم الجمعة، وأثناء مروره وهو يستقلها امام الوزارة وكان بصحبته شخص أجنبي هولندي الجنسية حاول أفراد أحد الكمائن استيقافه، فأطلق النار من رشاش كان بحوزته عليهم، فقتل ثلاثة منهم وتم ضبطه ولا أعرف إذا كان تم تحرير محضر أم لا.
وعندما طرح المستشار مصطفي سليمان المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة السؤال عليه بطريقة أخرى، قائلاً: بما تفسر وقوع حالات وفاة واصابة بين المتظاهرين باستخدام الرصاص الحي في عدد كبير من محافظات الجمهورية يوم 28 يناير 2011؟، رد العادلي قائلاً: أنا معرفش لكن بحكم موقعي كوزير للداخلية في ذلك الوقت، أستنتج أن أسباب حصول الوفاة يمكن أن تعود الى أن هناك اشخاصاً من المتظاهرين اقتحموا أقسام الشرطة، وسرقوا الاسلحة الموجودة بداخلها، و استخدموا هذه الاسلحة في مواجهة قوات الشرطة في مواقع مختلفة، و أدت الى اصابات لمن يكونوا متواجدين في المواقع التي استخدمت فيها الأسلحة.
المتظاهرون أصابوا الشرطة
وسرد العادلي تفاصيل ما حدث مع بداية إندلاع الثورة في 25 يناير الماضي، من وجهة نظره كوزير للداخلية، قائلاً: "وردت إليَ معلومات أشارت الى أن هناك دعوة للتظاهر يوم 25 يناير 2011، والتواجد بأعداد كبيرة في ميدان التحرير، وأن يكون هذا التظاهر على مستوى محافظات الجمهورية في هذا اليوم. واشترك في تأييد هذه الدعوة أغلب التيارات، إن لم يكن جميعها عن طريق الفيسبوك، واتفقوا أن يكون التظاهر بحجم كبير في ميدان التحرير الذي كان هدفاً اساسياً للمتظاهرين باعتباره في وسط البلد ويحيطه مؤسسات مهمة جداً بالإضافة الى مجموعة من السفارات، وأن الهدف من اختيار هذا الموقع بالنسبة للقاهرة، إحداث شلل كامل في الحياة في القاهرة وإحباط أي تحرك."
وأضاف: "في ضوء هذه المعلومات، إتخذت الوزارة احتياطها من اجراءاتها المتعلقة بإخطار رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، وعقدت اجتماعاً مع السادة مساعدي وزير الداخلية المعنيين وهم مساعد أول الوزير لأمن الدولة ومساعد أول الوزير للأمن العام ومساعد أول الوزير لمديرية أمن القاهرة ومساعد أول الوزير لمديرية أمن الجيزة ومساعد الوزير لقطاع الأمن المركزي ومساعد الوزير لمديرية أمن 6 أكتوبر، وتدارسنا الموقف والإجراءات.
وتابع أن "هذا الحدث كان يتكرر بنماذج له في صورة دعوة للاعتصامات والاحتجاج خلال عامين سابقين، وكانت تتم بأحجام صغيرة جداً، وكان يتم التعامل معها أمنيا بأسلوب سلمي، من دون اصابات، فيما عدا حالات قليلة كنا نقوم بعرضها على النيابة. وفي هذا الاجتماع أصدرت توجيهاتي للسادة المساعدين بأن يكون تعاملنا مع هذا الموقف بأسلوب سلمي والحفاظ على الممتلكات العامة، حيث يتم توجيه التحذير للمتظاهرين بعد فترة بفض التظاهرات. وفي حالة حدوث ما يؤكد أن هناك خللاً أمنياً يتم فض هذا التظاهر باستخدام المياه. وإذا تصاعد تستخدم الغازات المسيلة للدموع والقبض على كل من يرتكب جرائم أو يستخدم العنف أثناء التظاهرات والتحذير من عدم استخدام أي طلقات نارية وانتهى الاجتماع بإصدار أوامري لجميع المساعدين بهذه التكليفات."
واستطرد: "في يوم 25 يناير 2011، اخطرت من جميع القيادات بأن التظاهرات بدأت حوالى الساعة العاشرة صباحاً حيث بدأ التجمع والتواجد في عدة أماكن متجهة الى ميدان التحرير وكانت أعداداً كبيرة وكانت سلمية حتي الساعة الثالثة والنصف. ثم توجهت أعداد كبيرة من المتظاهرين الى ماسبيرو مبني التلفزيون ومبنى وزارة الداخلية ومجلس الشعب والشوري، وبدأت بعض الاحتكاكات برجال الشرطة لانهم كانوا يحاولون منع وصول المتظاهرين الى تلك الأماكن، ما أدى الى حدوث إصابات ببعض رجال الشرطة نتيجة إلقاء الحجارة عليهم، واستمر المتظاهرون بالتواجد في الميدان وتم التعامل بطرق سلمية حيث منحوا الفرصة ليتركوا مكان التظاهر ثم بدأت الأعداد تزداد مرة أخرى بصورة تصاعدية كبيرة بدءاً من الساعة الخامسة مساء، واستمر الحال على ذلك حتى الساعة الثانية عشرة والنصف صباح يوم الأربعاء 26 يناير، حيث اضطرت قوات الشرطة الى تفريق المتظاهرين عن طريق استخدام المياه ومحدثات الصوت والقنابل المسيلة للدموع فتفرقوا.
الغريب أن أقوال العادلي تتناقض مع ما ورد على لسان مساعديه، وخصوصاً اللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة واللواء أحمد رمزي رئيس قطاع الأمن المركزي، واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة، الذين أكدوا أن وزير الداخلية السابق أصدر اليهم أوامر صريحة وواضحة، بضرورة التعامل بعنف واستخدام كافة الأسلحة لتفريق المتظاهرين. لكنه أنكر تلك الإتهامات، وألقى بالتهمة على الضباط والقيادات، قائلاً إنهم خالفوا تعليماته بالتعامل سلمياً مع المتظاهرين، وعدم اللجوء إلى إستخدام الذخيرة الحية. فضلاً على أن ما جاء على لسانه يتناقض مع نتائج لجنة التحقيقات وتقصي الحقائق التي أكدت أنه كانت هناك أوامر صريحة من العادلي لقيادات وزارة الداخلية، بإطلاق النار على المتظاهرين. وثبت ذلك من خلال تفريغ تسجيلات أجهزة اللاسلكي المستخدمة في الشرطة. وأن ضباط وحدة مكافحة الإرهاب وإنقاذ الرهائن بجهاز مباحث أمن الدولة تمركزوا فوق المباني المحيطة بميدان التحرير والجامعة الأميركية ومجمع التحرير وقنصوا العديد من المشاركين في التظاهرات باستخدام بنادق قنص.
إنسحاب الشرطة
وفي ما يخص إنسحاب الشرطة، وحدوث فراغ أمني في البلاد يوم 28 يناير الماضي، وأسباب ذلك، قال العادلي: "أنا لم أصدر قراراً بالانسحاب، ولا أتصور صدور مثل هذا القرار من القيادات الأخرى، لأن هذا يتعارض مع المسؤولية الملقاة على عاتقي، بالاضافة الى أن جميع مواقع الشرطة كانت تمارس مهامها من مواقعها في هذا اليوم، وأخص بعض المواقع في ميدان التحرير كمثال، ومنهم ضباط مصلحة الجوازات، قبل أن يقوم المتظاهرون بحرق مقرهم، بالدور 31 في مجمع التحرير، ضباط قوات الأمن المركزي والحراسات الأخرى التي كانت تؤمن مواقع السفارتين البريطانية والأميركية وضباط حراسة مجلسي الشعب والشوري، كل هؤلاء لم يتحركوا من مواقعهم."
وأرجع العادلي ما حدث إلى عدة أسباب منها: "الانهاك الشديد الذي إعترى قوات الشرطة، والتي كانت متواجدة في ميادين التظاهر بدءاً من يوم 25 حتى 29 يناير الماضي، و من دون أن تحقق لهذه القوات المعدلات الطبيعية والعلمية والتدريبية التي يجب توافرها للجنود وللضباط عند مواجهة عمليات تستمر لأيام طويلة، بمعنى توفير المأكل، وتبديل الراحة، وإعطائهم فرصة للراحة، بالإضافة إلى عدم التوافق بين عدد قوات الشرطة جميعاً، خاصة قوات الأمن المركزي، والتي لا تزيد عن مئتين وأربعين ألف جندي موزعين على أنحاء الجمهورية وفق حساسية كل محافظة.
وقارن العادلي بين وضع قواته ووضع المتظاهرين من حيث الإمداد، ولكن في موضع آخر من التحقيقات وقال إنه في الوقت الذي كانت قوات الشرطة تعاني عدم توافر المأكل والمشرب، كانت جماعة الإخوان المسلمين و جماعات أخرى خارجية تستأجر شققاً بالقرب من ميدان التحرير، وتجهز المأكولات والمشروبات للمتظاهرين، وكانت هناك سيارات تحض للميدان محملة الأطعمة والأغطية. وتابع: كما أن الحرص الشديد من جانب الشرطة على عدم إحداث أي خسائر بشرية بين المتظاهرين، وعدم استخدام السلاح بالذخيرة الحية دفع القوات الى ترك المواقع. هذا إلى جانب تأثر الجانب النفسي لأفراد الشرطة بعد نزول القوات المسلحة، و استشعار القوات بأن القوات المسلحة ستقوم بعملية التأمين.
البدو فتحوا السجون
واتهم العادلي من وصفهم ب"العناصر الإجرامية والبدو" باقتحام السجون وإطلاق السجناء، وقال: عملية ضرب السجون جاء من خارجها بعناصر إجرامية معروفة، ومن البدو الذين استخدموا أنواعاً من الاسلحة شديدة التدمير مثل ال"أر بي جيه"، وتمت عملية اقتحام السجون في توقيت واحد على مستوى الجمهورية وبالنهج نفسه ، وشارك فيها المتظاهرون الذين استطاعوا أن يسرقوا اسلحة الشرطة من المراكز والاقسام بعد إقتحامها وإحراقها.
وتأتي أقوال العادلي متناقضة مع ما ورد على لسان اللواء عدلي فايد مساعد الوزير للأمن العام، حيث اعترف بأنه بعد أن تفاقمت الأوضاع وعجزت قوات الأمن عن مواجهة المتظاهرين، إقترح على الوزير انسحاب الشرطة، وفتح السجون أمام المساجين الخطرين، وإحراق بعض مراكز الشرطة، بهدف إثارة الرعب في قلوب المواطنين، وإجبارهم على التخلي عن دعم الشباب المتواجدين في ميدان التحرير، وإنقلاب الرأي العام ضدهم، وإتهامهم بأنهم وراء حالة الفوضى والإنفلات الأمني التي عمت البلاد. كما أن تقرير لجنة التحقيق و تقصي الحقائق، أكد أن هناك سيناريوهين لعمليات فتح السجون، الأول قيام عناصر خارجية بالهجوم عليها، والآخر يتمثل في صدور أوامر بفتحها أمام المساجين، وذلك باعتراف بعض الضباط والمساجين والفارين.
الأدلة دامغة
ومن جانبه، يؤكد الدكتور محمود سعيد أستاذ القانون الجنائي في جامعة القاهرة أن إصرار العادلي على إنكار كافة التهم الموجهة اليه سلوك طبيعي، لاسيما أنه رجل قانون ويعلم جيداً أن التهم المنسوبة اليه إذا صحت، فإنه سيواجه عقوبة الإعدام شنقاً.
وأضاف ل"إيلاف": ليس من المهم أن يعترف المتهم بجريمته، ما دامت تتوافر أدلة وبراهين وقرائن دامغة تثبت إرتكابه الجرائم المتهم فيها، مشيراً إلى أن ليس من المتوقع أن يعترف وزير الداخلية الذي حكم البلاد بالحديد والنار لنحو 14 عاماً، بجرائم قتل المتظاهرين، لاسيما أن حياة المواطن أو كرامته لم تكن ذات قيمة في السابق. والدليل أن التعذيب كان سياسة ممنهجة في وزارة الداخلية، وكانت وفاة الشاب خالد سعيد خير مثال على تلك السياسة. وكان إصرار حبيب العادلي شخصياً وسائر قيادات نظام حكم مبارك على إفلات الجناة المتهمين بقتل خالد سعيد من العقاب خير دليل على أن النظام كله لم يكن يقيم وزناً لحياة الإنسان المصري، وكان همه الأول حماية الشرطة التي كانت تسهر على أمنه من أية ملاحقة قانونية.
هناك مبدأ قانوني يقول إن الإعتراف سيد الأدلة، لكنه ليس في كل الأحوال كذلك، فقد يعترف المتهم بجريمة، ويتضح فيما بعد بالأدلة والمستندات أنه ليس الجاني الحقيقي، وأن هناك فاعلا آخر دفع له أموالاً لكي يعترف بالجريمة ويقضي العقوبة بدلاً منه. إنه رأى المحامي هشام مصيلحي، الذي يضيف ل"إيلاف" قائلاً: إن كل الأدلة وأقوال باقي المتهمين والشهود تشير إلى تورط وزير الداخلية السابق بصفته في ارتكاب جريمة قتل 823 شخصاً، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وهذا ما دعا النيابة العامة إلى إحالته على المحاكمة الجنائية، وبدأت جلسات محاكمته بالفعل.
ويوضح مصيلحي أن العادلي وقيادات وزارته الضباط وأفراد الشرطة المتهمين في قضية قتل المتظاهرين، يواجهون عقوبة الإعدام، لأنها تعتبر في نظر قانون العقوبات المصري جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد. و لفت مصيلحي إلى أن هناك تسجيلات صوتية توصلت اليها لجنة تقصي الحقائق في جريمة قتل المتظاهرين تؤكد إصدار حبيب العادلي أوامره للتعامل بعنف وباستخدام كافة الأسلحة المتوافرة لدى الشرطة في مواجهة وقمع المتظاهرين. وأرجع مصيلحي ذلك إلى أن العادلي وسائر قيادات وزارته، بل ومبارك نفسه وجميع قيادات الدولة لم يكن في حسبانهم نجاح الثورة في الإطاحة بهم، ولم يكن أحد منهم يتوقع إخضاعه للمحاسبة أو المساءلة القانونية في جريمة قتل مواطنين عاديين، لذلك أفرطوا في استخدام القوة، بل جربوا أسلحة محرمة دولياً في المواطنين المصريين، وتفننوا في إستخدام وسائل جديدة للقتل، منها الدهس بالسيارات المصفحة أو المطافئ أو الإسعاف أو الميكروباص.
سياسياً، قال الدكتور أيمن نور زعيم حزب الغد، إن العادلي لم يرتكب جرائم قتل 823 مصرياً فقط، بل تسبب في قتل المئات، إن لم يكن الآلاف من المصريين في السجون والمعتقلات منذ أن تولى وزارة الداخلية في 1997، ويجب أن يحاكم في تلك الجرائم أيضاً، وأضاف نور الذي يعمل محامياً بالأساس ل"إيلاف" أن التهم الموجهة إلى العادلي ليس القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، بل التحريض على القتل، وهي تهمة تصل العقوبة فيها للإعدام، حيث يعاقب القانون المصري المحرض على القتل بعقوبة الفاعل نفسها ، ولا مناص من تلك العقوبة. وإتهم نور وزير الداخلية السابق بإفساد الحياة السياسية، وتفجير الأحزاب من الداخل و تجميد النقابات المهنية بعد أن سمح لجهاز أمن الدولة بالتوغل في شتي مناحي الحياة، وكان يسمح للشرطة بالتنصت على تليفونات المصريين، وعندما إعترض الناشطون على ذلك الإجراء رد قائلاً "اللي خايف ما يتكلمش في التليفون".
ايلاف
فيما يواجه الرئيس المصري السابق حسني مبارك ورموز نظامه عدة تهم، يعتبر قتل المتظاهرين عمداً مع سبق الإصرار والترصد، التهمة الأخطر. وحصلت ايلاف على نسخة من تحقيقات النيابة العامة مع وزير الداخلية السابق حبيب العادلي الذي بدا سيد التناقضات من حيث إعلان عدد القتلى واسباب وفاتهم وتوصيف وضع الشرطة والمتظاهرين.
العادلي: لا أعرف أسباب وفاة متظاهري 25 يناير حتى الآن
ـ قتلى التظاهرات 5 أو 6 أشخاص فقط
ـ قوات الشرطة لم تكن تحمل ذخيرة حية
ـ البدو والمجرمون هم من فتحوا السجون
ـ القوات عانت الجوع والإخوان جهزوا أطعمة للمحتجين
القاهرة: كانت انتهاكات الشرطة المصرية لحقوق الإنسان سبباً رئيساً لتفجّر الثورة المصرية في 25 من شهر يناير الماضي، حيث إنطلقت الدعوة اليها من صفحة "كلنا خالد سعيد" على موقع الفايس بوك الشهير، وهو شاب لقي مصرعه نتيجة التعذيب على أيدي أفراد ينتمون إلى الشرطة. وجاء التعامل بوحشية وعنف مفرط مع المتظاهرين ما أدى إلى مقتل 823 شخصاً، وإصابة نحو سبعة آلاف آخرين، ليؤكد أن الإنتهاكات هي الأساس، و ما عداها هو الإستثناء.
بعد نجاح الثورة في الإطاحة بنظام حكم الرئيس مبارك البوليسي، بدأت محاكمة رموزه في إتهامات تتعلق بالفساد، وتضخم الثروة، غير أن قتل المتظاهرين عمداً مع سبق الإصرار والترصد، يعتبر أخطر تلك الإتهامات، ويأتي الرئيس السابق حسني مبارك و اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق على رأس قائمة المتهمين، يليه قيادات وزارته، الذين يحاكمون حالياً في تلك القضية أمام محكمة جنايات القاهرة.
"إيلاف" حصلت على نسخة من تحقيقات النيابة العامة مع العادلي، وتنشرها في حلقتين مشفوعتين بتحليل قانوني وسياسي لأقواله، التي بدا واضحاً من القراءة الأولى لها أنها تحمل في طياتها الكثير من التناقضات، ففي الوقت الذي يقول فيه، إن عدد القتلى لا يتجاوز خمسة أو ستة قتلى، وأنه لا يعرف حتى الآن أسباب وفاتهم، يتهم ضباطه بمخالفة تعليماته وإطلاق النار على المتظاهرين في شتى المحافظات.
لا أعرف أسباب وفاة المتظاهرين
رغم سقوط جميع الضحايا باستخدام الرصاص الحي أو الدهس بالسيارات، إلا أن وزير الداخلية السابق أصر على أن جميع القوات التي كانت مكلفة بالتعامل مع التظاهرات لم تكن تحمل أية أسلحة أو ذخائر. ورغم أن عدد الشهداء يبلغ 823 شهيداً، بالإضافة إلى نحو سبعة آلاف مصاب، إلا أنه زعم أن عدد القتلى لا يتجاوز خمسة أشخاص، حيث قال رداً على سؤال حول تسليح القوات "جميع التشكيلات لا تحمل أي ذخيرة حية عند مواجهة التجمعات والتظاهرات".
وعندما سألته النيابة عن معلوماته بشأن الوفيات في صفوف المواطنين برصاص الشرطة، يوم جمعة الغضب بتاريخ 28 يناير الماضي، قال: "أنا لم أعلم بحالات وفاة بين المتظاهرين، إلا أربع حالات في مدينة السويس وحالة أو حالتين في ميدان التحرير فقط، و لا أعرف كيف حدثت الوفاة وما سببها والى الآن لا أعرف."
وزير الداخلية السابق حبيب العادلي الذي طغت التناقضات على أقواله |
وعندما طرح المستشار مصطفي سليمان المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة السؤال عليه بطريقة أخرى، قائلاً: بما تفسر وقوع حالات وفاة واصابة بين المتظاهرين باستخدام الرصاص الحي في عدد كبير من محافظات الجمهورية يوم 28 يناير 2011؟، رد العادلي قائلاً: أنا معرفش لكن بحكم موقعي كوزير للداخلية في ذلك الوقت، أستنتج أن أسباب حصول الوفاة يمكن أن تعود الى أن هناك اشخاصاً من المتظاهرين اقتحموا أقسام الشرطة، وسرقوا الاسلحة الموجودة بداخلها، و استخدموا هذه الاسلحة في مواجهة قوات الشرطة في مواقع مختلفة، و أدت الى اصابات لمن يكونوا متواجدين في المواقع التي استخدمت فيها الأسلحة.
المتظاهرون أصابوا الشرطة
وسرد العادلي تفاصيل ما حدث مع بداية إندلاع الثورة في 25 يناير الماضي، من وجهة نظره كوزير للداخلية، قائلاً: "وردت إليَ معلومات أشارت الى أن هناك دعوة للتظاهر يوم 25 يناير 2011، والتواجد بأعداد كبيرة في ميدان التحرير، وأن يكون هذا التظاهر على مستوى محافظات الجمهورية في هذا اليوم. واشترك في تأييد هذه الدعوة أغلب التيارات، إن لم يكن جميعها عن طريق الفيسبوك، واتفقوا أن يكون التظاهر بحجم كبير في ميدان التحرير الذي كان هدفاً اساسياً للمتظاهرين باعتباره في وسط البلد ويحيطه مؤسسات مهمة جداً بالإضافة الى مجموعة من السفارات، وأن الهدف من اختيار هذا الموقع بالنسبة للقاهرة، إحداث شلل كامل في الحياة في القاهرة وإحباط أي تحرك."
وأضاف: "في ضوء هذه المعلومات، إتخذت الوزارة احتياطها من اجراءاتها المتعلقة بإخطار رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، وعقدت اجتماعاً مع السادة مساعدي وزير الداخلية المعنيين وهم مساعد أول الوزير لأمن الدولة ومساعد أول الوزير للأمن العام ومساعد أول الوزير لمديرية أمن القاهرة ومساعد أول الوزير لمديرية أمن الجيزة ومساعد الوزير لقطاع الأمن المركزي ومساعد الوزير لمديرية أمن 6 أكتوبر، وتدارسنا الموقف والإجراءات.
وتابع أن "هذا الحدث كان يتكرر بنماذج له في صورة دعوة للاعتصامات والاحتجاج خلال عامين سابقين، وكانت تتم بأحجام صغيرة جداً، وكان يتم التعامل معها أمنيا بأسلوب سلمي، من دون اصابات، فيما عدا حالات قليلة كنا نقوم بعرضها على النيابة. وفي هذا الاجتماع أصدرت توجيهاتي للسادة المساعدين بأن يكون تعاملنا مع هذا الموقف بأسلوب سلمي والحفاظ على الممتلكات العامة، حيث يتم توجيه التحذير للمتظاهرين بعد فترة بفض التظاهرات. وفي حالة حدوث ما يؤكد أن هناك خللاً أمنياً يتم فض هذا التظاهر باستخدام المياه. وإذا تصاعد تستخدم الغازات المسيلة للدموع والقبض على كل من يرتكب جرائم أو يستخدم العنف أثناء التظاهرات والتحذير من عدم استخدام أي طلقات نارية وانتهى الاجتماع بإصدار أوامري لجميع المساعدين بهذه التكليفات."
واستطرد: "في يوم 25 يناير 2011، اخطرت من جميع القيادات بأن التظاهرات بدأت حوالى الساعة العاشرة صباحاً حيث بدأ التجمع والتواجد في عدة أماكن متجهة الى ميدان التحرير وكانت أعداداً كبيرة وكانت سلمية حتي الساعة الثالثة والنصف. ثم توجهت أعداد كبيرة من المتظاهرين الى ماسبيرو مبني التلفزيون ومبنى وزارة الداخلية ومجلس الشعب والشوري، وبدأت بعض الاحتكاكات برجال الشرطة لانهم كانوا يحاولون منع وصول المتظاهرين الى تلك الأماكن، ما أدى الى حدوث إصابات ببعض رجال الشرطة نتيجة إلقاء الحجارة عليهم، واستمر المتظاهرون بالتواجد في الميدان وتم التعامل بطرق سلمية حيث منحوا الفرصة ليتركوا مكان التظاهر ثم بدأت الأعداد تزداد مرة أخرى بصورة تصاعدية كبيرة بدءاً من الساعة الخامسة مساء، واستمر الحال على ذلك حتى الساعة الثانية عشرة والنصف صباح يوم الأربعاء 26 يناير، حيث اضطرت قوات الشرطة الى تفريق المتظاهرين عن طريق استخدام المياه ومحدثات الصوت والقنابل المسيلة للدموع فتفرقوا.
إنسحاب الشرطة
وفي ما يخص إنسحاب الشرطة، وحدوث فراغ أمني في البلاد يوم 28 يناير الماضي، وأسباب ذلك، قال العادلي: "أنا لم أصدر قراراً بالانسحاب، ولا أتصور صدور مثل هذا القرار من القيادات الأخرى، لأن هذا يتعارض مع المسؤولية الملقاة على عاتقي، بالاضافة الى أن جميع مواقع الشرطة كانت تمارس مهامها من مواقعها في هذا اليوم، وأخص بعض المواقع في ميدان التحرير كمثال، ومنهم ضباط مصلحة الجوازات، قبل أن يقوم المتظاهرون بحرق مقرهم، بالدور 31 في مجمع التحرير، ضباط قوات الأمن المركزي والحراسات الأخرى التي كانت تؤمن مواقع السفارتين البريطانية والأميركية وضباط حراسة مجلسي الشعب والشوري، كل هؤلاء لم يتحركوا من مواقعهم."
وأرجع العادلي ما حدث إلى عدة أسباب منها: "الانهاك الشديد الذي إعترى قوات الشرطة، والتي كانت متواجدة في ميادين التظاهر بدءاً من يوم 25 حتى 29 يناير الماضي، و من دون أن تحقق لهذه القوات المعدلات الطبيعية والعلمية والتدريبية التي يجب توافرها للجنود وللضباط عند مواجهة عمليات تستمر لأيام طويلة، بمعنى توفير المأكل، وتبديل الراحة، وإعطائهم فرصة للراحة، بالإضافة إلى عدم التوافق بين عدد قوات الشرطة جميعاً، خاصة قوات الأمن المركزي، والتي لا تزيد عن مئتين وأربعين ألف جندي موزعين على أنحاء الجمهورية وفق حساسية كل محافظة.
وقارن العادلي بين وضع قواته ووضع المتظاهرين من حيث الإمداد، ولكن في موضع آخر من التحقيقات وقال إنه في الوقت الذي كانت قوات الشرطة تعاني عدم توافر المأكل والمشرب، كانت جماعة الإخوان المسلمين و جماعات أخرى خارجية تستأجر شققاً بالقرب من ميدان التحرير، وتجهز المأكولات والمشروبات للمتظاهرين، وكانت هناك سيارات تحض للميدان محملة الأطعمة والأغطية. وتابع: كما أن الحرص الشديد من جانب الشرطة على عدم إحداث أي خسائر بشرية بين المتظاهرين، وعدم استخدام السلاح بالذخيرة الحية دفع القوات الى ترك المواقع. هذا إلى جانب تأثر الجانب النفسي لأفراد الشرطة بعد نزول القوات المسلحة، و استشعار القوات بأن القوات المسلحة ستقوم بعملية التأمين.
البدو فتحوا السجون
واتهم العادلي من وصفهم ب"العناصر الإجرامية والبدو" باقتحام السجون وإطلاق السجناء، وقال: عملية ضرب السجون جاء من خارجها بعناصر إجرامية معروفة، ومن البدو الذين استخدموا أنواعاً من الاسلحة شديدة التدمير مثل ال"أر بي جيه"، وتمت عملية اقتحام السجون في توقيت واحد على مستوى الجمهورية وبالنهج نفسه ، وشارك فيها المتظاهرون الذين استطاعوا أن يسرقوا اسلحة الشرطة من المراكز والاقسام بعد إقتحامها وإحراقها.
وتأتي أقوال العادلي متناقضة مع ما ورد على لسان اللواء عدلي فايد مساعد الوزير للأمن العام، حيث اعترف بأنه بعد أن تفاقمت الأوضاع وعجزت قوات الأمن عن مواجهة المتظاهرين، إقترح على الوزير انسحاب الشرطة، وفتح السجون أمام المساجين الخطرين، وإحراق بعض مراكز الشرطة، بهدف إثارة الرعب في قلوب المواطنين، وإجبارهم على التخلي عن دعم الشباب المتواجدين في ميدان التحرير، وإنقلاب الرأي العام ضدهم، وإتهامهم بأنهم وراء حالة الفوضى والإنفلات الأمني التي عمت البلاد. كما أن تقرير لجنة التحقيق و تقصي الحقائق، أكد أن هناك سيناريوهين لعمليات فتح السجون، الأول قيام عناصر خارجية بالهجوم عليها، والآخر يتمثل في صدور أوامر بفتحها أمام المساجين، وذلك باعتراف بعض الضباط والمساجين والفارين.
الأدلة دامغة
ومن جانبه، يؤكد الدكتور محمود سعيد أستاذ القانون الجنائي في جامعة القاهرة أن إصرار العادلي على إنكار كافة التهم الموجهة اليه سلوك طبيعي، لاسيما أنه رجل قانون ويعلم جيداً أن التهم المنسوبة اليه إذا صحت، فإنه سيواجه عقوبة الإعدام شنقاً.
وأضاف ل"إيلاف": ليس من المهم أن يعترف المتهم بجريمته، ما دامت تتوافر أدلة وبراهين وقرائن دامغة تثبت إرتكابه الجرائم المتهم فيها، مشيراً إلى أن ليس من المتوقع أن يعترف وزير الداخلية الذي حكم البلاد بالحديد والنار لنحو 14 عاماً، بجرائم قتل المتظاهرين، لاسيما أن حياة المواطن أو كرامته لم تكن ذات قيمة في السابق. والدليل أن التعذيب كان سياسة ممنهجة في وزارة الداخلية، وكانت وفاة الشاب خالد سعيد خير مثال على تلك السياسة. وكان إصرار حبيب العادلي شخصياً وسائر قيادات نظام حكم مبارك على إفلات الجناة المتهمين بقتل خالد سعيد من العقاب خير دليل على أن النظام كله لم يكن يقيم وزناً لحياة الإنسان المصري، وكان همه الأول حماية الشرطة التي كانت تسهر على أمنه من أية ملاحقة قانونية.
هناك مبدأ قانوني يقول إن الإعتراف سيد الأدلة، لكنه ليس في كل الأحوال كذلك، فقد يعترف المتهم بجريمة، ويتضح فيما بعد بالأدلة والمستندات أنه ليس الجاني الحقيقي، وأن هناك فاعلا آخر دفع له أموالاً لكي يعترف بالجريمة ويقضي العقوبة بدلاً منه. إنه رأى المحامي هشام مصيلحي، الذي يضيف ل"إيلاف" قائلاً: إن كل الأدلة وأقوال باقي المتهمين والشهود تشير إلى تورط وزير الداخلية السابق بصفته في ارتكاب جريمة قتل 823 شخصاً، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وهذا ما دعا النيابة العامة إلى إحالته على المحاكمة الجنائية، وبدأت جلسات محاكمته بالفعل.
ويوضح مصيلحي أن العادلي وقيادات وزارته الضباط وأفراد الشرطة المتهمين في قضية قتل المتظاهرين، يواجهون عقوبة الإعدام، لأنها تعتبر في نظر قانون العقوبات المصري جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد. و لفت مصيلحي إلى أن هناك تسجيلات صوتية توصلت اليها لجنة تقصي الحقائق في جريمة قتل المتظاهرين تؤكد إصدار حبيب العادلي أوامره للتعامل بعنف وباستخدام كافة الأسلحة المتوافرة لدى الشرطة في مواجهة وقمع المتظاهرين. وأرجع مصيلحي ذلك إلى أن العادلي وسائر قيادات وزارته، بل ومبارك نفسه وجميع قيادات الدولة لم يكن في حسبانهم نجاح الثورة في الإطاحة بهم، ولم يكن أحد منهم يتوقع إخضاعه للمحاسبة أو المساءلة القانونية في جريمة قتل مواطنين عاديين، لذلك أفرطوا في استخدام القوة، بل جربوا أسلحة محرمة دولياً في المواطنين المصريين، وتفننوا في إستخدام وسائل جديدة للقتل، منها الدهس بالسيارات المصفحة أو المطافئ أو الإسعاف أو الميكروباص.
سياسياً، قال الدكتور أيمن نور زعيم حزب الغد، إن العادلي لم يرتكب جرائم قتل 823 مصرياً فقط، بل تسبب في قتل المئات، إن لم يكن الآلاف من المصريين في السجون والمعتقلات منذ أن تولى وزارة الداخلية في 1997، ويجب أن يحاكم في تلك الجرائم أيضاً، وأضاف نور الذي يعمل محامياً بالأساس ل"إيلاف" أن التهم الموجهة إلى العادلي ليس القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، بل التحريض على القتل، وهي تهمة تصل العقوبة فيها للإعدام، حيث يعاقب القانون المصري المحرض على القتل بعقوبة الفاعل نفسها ، ولا مناص من تلك العقوبة. وإتهم نور وزير الداخلية السابق بإفساد الحياة السياسية، وتفجير الأحزاب من الداخل و تجميد النقابات المهنية بعد أن سمح لجهاز أمن الدولة بالتوغل في شتي مناحي الحياة، وكان يسمح للشرطة بالتنصت على تليفونات المصريين، وعندما إعترض الناشطون على ذلك الإجراء رد قائلاً "اللي خايف ما يتكلمش في التليفون".
ايلاف
0 التعليقات:
إرسال تعليق